(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٧)
____________________________________
* وفائدته على التفسير الثانى دفع احتمال أن يراد بالحصر المحاصرة المعهودة (فَإِنْ تابُوا) عن الشرك بالإيمان* بعد ما اضطروا بما ذكر من القتل والأسر والحصر (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) تصديقا لتوبتهم* وإيمانهم واكتفى بذكرهما عن ذكر بقية العبادات لكونهما رأسى العبادات البدنية والمالية (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) * فدعوهم وشأنهم ولا تتعرضوا لهم بشىء مما ذكر (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر لهم ما سلف من الكفر والغدر ويثيبهم بإيمانهم وطاعاتهم وهو تعليل للأمر بتخلية السبيل (وَإِنْ أَحَدٌ) شروع فى بيان حكم المتصدين لمبادى التوبة من سماع كلام الله تعالى والوقوف على شعائر الدين إثر بيان حكم التائبين عن الكفر والمصرين عليه وهو مرتفع بشرط مضمر يفسره الظاهر لا بالابتداء لأن إن لا تدخل إلا على* الفعل (مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) بعد انقضاء الأجل المضروب أى سألك أن تؤمنه وتكون له جارا* (فَأَجِرْهُ) أى أمنه (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) ويتدبره ويطلع على حقيقة ما تدعو إليه والاقتصار على ذكر السماع لعدم الحاجة إلى شىء آخر فى الفهم لكونهم من أهل اللسن والفصاحة وحتى سواء كانت للغاية أو للتعليل متعلقة بما بعدها لا بقوله تعالى (اسْتَجارَكَ) لأنه يؤدى إلى أعمال حتى فى المضمر وذلك مما لا يكاد يرتكب فى غير ضرورة الشعر كما فى قوله[فلا والله لا يلفى أناس * فتى حتاك يا ابن أبى يزيد] كذا قيل إلا أن تعلق الإجارة بسماع كلام الله تعالى بأحد الوجهين يستلزم تعلق الاستجارة أيضا بذلك أو بما فى معناه من أمور الدين وما روى عن على رضى الله عنه أنه أتاه رجل من المشركين فقال إن أراد الرجل منا أن يأتى محمدا بعد انقضاء هذا الأجل لسماع كلام الله تعالى أو لحاجة قتل قال لا لأن الله تعالى يقول وإن أحد من المشركين استجارك فأجره الخ فالمراد بما فيه من الحاجة هى الحاجة المتعلقة بالدين لا ما يعمها وغيرها من الحاجات الدنيوية كما ينبىء عنه قوله أن يأتى محمدا فإن من يأتيه صلىاللهعليهوسلم إنما يأتيه للأمور المتعلقة* بالدين (ثُمَّ أَبْلِغْهُ) بعد استماعه له إن لم يؤمن (مَأْمَنَهُ) أى مسكنه الذى يأمن فيه وهو دار قومه (ذلِكَ) * يعنى الأمر بالإجارة وإبلاغ المأمن (بِأَنَّهُمْ) بسبب أنهم (قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) ما الإسلام وما حقيقته او قوم جهلة فلا بد من إعطاء الأمان حتى يفهموا الحق ولا يبقى لهم معذرة أصلا (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ) شروع فى تحقيق حقية ما سبق من البراءة وأحكامها المتفرعة عليها وتبيين الحكمة الداعية إلى ذلك والمراد بالمشركين الناكثون لأن البراءة إنما هى فى شأنهم والاستفهام إنكارى لا بمعنى إنكار الواقع كما فى قوله تعالى (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) الخ بل بمعنى إنكار الوقوع ويكون من الكون التام وكيف فى محل