المرشدين ، ومن عصاني كان من المهلكين ، وكلكم عاص لأمري ، غير مستمع لقولي ، قد انخزلت عطياتكم من الحرام ، وملئت بطونكم من الحرام ، فطبع الله على قلوبكم ، ويلكم ألا تنصتون؟ ألا تسمعون»؟
فتلاوم أصحاب عمر بن سعد ، وقالوا : انصتوا له ، فقال الحسين : «تبا لكم أيتها الجماعة وترحا ، أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين ، فأصرخناكم مؤدين مستعدين ، سللتم علينا سيفا في رقابنا ، وحششتم علينا نار الفتن التي جناها عدوكم وعدونا ، فأصبحتم إلبا على أوليائكم ، ويدا عليهم لأعدائكم ، بغير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، إلّا الحرام من الدنيا أنالوكم ، وخسيس عيش طمعتم فيه ، من غير حدث كان منا ، ولا رأي تفيل (١) لنا فهلّا لكم الويلات إذ كرهتمونا تركتمونا ، فتجهزتموها والسيف لم يشهر ، والجأش طامن ، والرأي لم يستحصف ، ولكن أسرعتم علينا كطيرة الدبا ، وتداعيتم إليها كتداعي الفراش ، فقبحا لكم ، فإنما أنتم من طواغيت الامة ، وشذاذ الأحزاب ، ونبذة الكتاب ، ونفثة الشيطان ، وعصبة الآثام ، ومحرّفي الكتاب ، ومطفئي السنن ، وقتلة أولاد الأنبياء ، ومبيري عترة الأوصياء ، وملحقي العهار بالنسب ، ومؤذي المؤمنين ، وصراخ أئمة المستهزئين ، الذين جعلوا القرآن عضين ، وأنتم ابن حرب وأشياعه تعتمدون ، وإيانا تخذلون. أجل والله ، الخذل فيكم معروف ، وشجت عليه عروقكم ، وتوارثته اصولكم وفروعكم ، ونبتت عليه قلوبكم ، وغشيت به صدوركم ، فكنتم أخبث شيء سنخا للناصب ، وأكلة للغاصب ، ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها ، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ، فأنتم والله هم ، ألا إن الدعي بن
__________________
(١) ـ تفيل : أخطأ.