ونازعني في حقي ، ولكن عبيد الله بن زياد لم يعلم رأيي فيه من ذلك ، فعجل عليه بالقتل فقتله ، ولم يستدرك ما فات ، وبعد : فإنه ليس يجب علينا أن نرضى بالدنية في حقنا ، ولم يكن يجب على أخيك أن ينازعنا في أمر خصنا الله به دون غيرنا ، وعزيز علي ما ناله ، فهات الآن ما عندك يا أبا القاسم.
فتكلّم محمد بن علي ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إني قد سمعت كلامك ، فوصل الله رحمك ورحم حسينا ، وبارك الله له فيما صار إليه من ثواب ربه ، والخلد الدائم الطويل ، في جوار الملك الجليل ، وقد علمنا أن ما نقصنا فقد نقصك ، وما عراك فقد عرانا من فرح وترح ، وكذا أظن أن لو شهدت ذلك بنفسك لاخترت أفضل الرأي والعمل ، ولجانبت أسوأ الفعل والخطل ، والآن أن حاجتي إليك أن لا تسمعني فيه ما أكره ، فإنه أخي وشقيقي ، وابن أبي ، وإن زعمت : انه كان ظالمك وعدوّا لك ، كما تقول.
فقال له يزيد بن معاوية : إنك لم تسمع فيه مني إلّا خيرا ، ولكن هلم فبايعني ، واذكر ما عليك من الدّين حتى أقضيه عنك. فقال له محمد : أما البيعة فقد بايعتك ، وأما ما ذكرت من أمر الدين فما علي دين بحمد الله ، وإني من الله تبارك وتعالى في كل نعمة سابغة ، لا أقوم بشكرها. فالتفت يزيد إلى ابنه خالد ، وقال له : يا بني! إنّ ابن عمك هذا بعيد من الخب واللؤم والدنس والكذب ، ولو كان غيره كبعض من عرفت ، لقال : عليّ من الدّين كذا وكذا ، ليستغنم أخذ أموالنا.
ثم أقبل عليه يزيد بن معاوية ، وقال له : بايعتني يا أبا القاسم! فقال : نعم ، يا أمير المؤمنين! قال : فإني قد أمرت لك بثلاثمائة ألف درهم فابعث من يقبضها ، فإذا أردت الانصراف عنا ، وصلناك إن شاء الله تعالى. فقال له