بعد اليأس منها ، وعرفني الاستجابة منه لي في قديم دعائي.
فقال عبيد الله : اضربوا عنقه ، فضربت وصلب. ثمّ دعا ابن زياد بجندب بن عبد الله ، فقال له : يا عدوّ الله! ألست صاحب علي بن أبي طالب يوم صفين؟ قال : نعم ، ولا زلت له وليا ولكم عدوا ، لا أبرأ من ذلك إليك ولا أعتذر في ذلك وأتنصل منه بين يديك ، فقال ابن زياد له : أما إني سأتقرب إلى الله بدمك ، فقال جندب : والله ، ما يقربك دمي إلى الله ، ولكنه يباعدك منه ، وبعد ، فإني لم يبق من عمري إلّا أقله ، وما أكره أن يكرمني الله بهوانك ، فقال : اخرجوه عني ، فانه شيخ قد خرف وذهب عقله ، فاخرج وخلي سبيله.
عدنا إلى حديثنا قال : ثم دعا عبيد الله بن زياد زحر بن قيس الجعفي ، فأعطاه رأس الحسين ، ورءوس إخوته وأهل بيته وشيعته ، ودعا بعلي بن الحسين فحمله وحمل عماته وأخواته وجميع نسائهم معه إلى يزيد ، فسار القوم بحرم رسول الله من «الكوفة» إلى بلد «الشام» على محامل بغير وطاء ، من بلد إلى بلد ، ومن منزل إلى منزل ، كما تساق الترك والدّيلم ، وسبق زحر بن قيس برأس الحسين عليهالسلام إلى «دمشق» حتى دخل على يزيد ، فسلم عليه ودفع إليه كتاب عبيد الله بن زياد. فأخذ يزيد الكتاب ، ووضعه بين يديه ، ثم قال لزحر : هات ما عندك يا زحر! فقال زحر : أبشر يا أمير المؤمنين! بفتح الله عليك وبنصره إياك ، فإنه قد ورد علينا الحسين بن علي في اثنين وثمانين رجلا من إخوته وأهل بيته وشيعته ، فسرنا إليهم وسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله فأبوا علينا ، فقاتلناهم من وقت شروق الشمس إلى أن أضحى النهار ، فلما اخذت السيوف مآخذها من هام الرجال ، جعلوا يتوقلون إلى غير وزر ، ويلوذون منا بالآكام