الدم في الشتاء ، وييبسان في في الصيف كأنهما عود.
وقال بعض من شهد الوقعة : ما رأيت مكثورا قط قتل ولده ، وإخوته ، وبنو عمّه ، وأهل بيته ، أربط جأشا ، ولا أمضى جنانا ، ولا أجرى من الحسين عليهالسلام ، ولا رأيت قبله ولا بعده مثله ، لقد رأيت الرجال تنكشف عنه إذا شدّ فيهم انكشاف المعزى إذا عاث فيها الذئب.
قال : ثمّ إن عمر بن سعد ، نادى : من ينتدب الحسين فيوطئه فرسه فانتدب له عشرة نفر ، منهم : إسحاق الحضرمي ، ومنهم : الأخنس بن مرثد الحضرمي ، القائل في ذلك :
نحن رضضنا الظهر بعد الصدر |
|
بكلّ يعبوب شديد الأسر |
حتى عصينا الله ربّ الأمر |
|
بصنعنا مع الحسين الطهر |
فداسوا حسينا بخيولهم ، حتى رضوا صدره وظهره ، فسئل عن ذلك ، فقال : هذا أمر الأمير عبيد الله.
قال : ثمّ دفع الرأس إلى خولي بن يزيد الأصبحي ، ليحمله إلى عبيد الله بن زياد ، وأقام عمر بن سعد يومه ذلك إلى الغد ، فجمع قتلاه فصلى عليهم ودفنهم ، وترك الحسين وأهل بيته وأصحابه ، فلمّا ارتحلوا الى الكوفة وتركوهم على تلك الحالة عمد أهل الغاضرية من بني أسد فكفنوا أصحاب الحسين ، وصلّوا عليهم ، ودفنوهم ، وكانوا اثنين وسبعين رجلا.
قال : ثم أذن عمر بن سعد بالناس في الرحيل إلى الكوفة ، وحمل بنات الحسين ، وأخواته ، وعليّ بن الحسين ، وذراريهم ، فلما مروا بجثة الحسين وجثث أصحابه ، صاحت النساء ، ولطمن وجوههن ، وصاحت زينب : يا محمداه! صلى عليك مليك السماء ، هذا حسين بالعراء ، مزمل بالدماء ، معفر بالتراب ، مقطع الأعضاء ، يا محمداه! بناتك في العسكر