وقال : يا ابن أبي تراب! ألست تزعم أن أباك على حوض النبي يسقي من أحبّه؟ فاصبر حتى تأخذ الماء من يده. ثم قال لسنان بن أنس : احتز رأسه من قفاه ، فقال : والله ، لا أفعل ذلك! فيكون جدّه محمد خصمي ، فغضب شمر منه ، وجلس على صدر الحسينعليهالسلام ، وقبض على لحيته ، وهمّ بقتله ، فضحك الحسين ، وقال له : «أتقتلني؟ أو لا تعلم من أنا»؟ قال : أعرفك حقّ المعرفة ، امّك فاطمة الزهراء ؛ وأبوك عليّ المرتضى ؛ وجدك محمد المصطفى ؛ وخصمك الله العلي الأعلى ، وأقتلك ولا ابالي ، وضربه بسيفه اثنتي عشرة ضربة ، ثم حزّ رأسه ، ثم تقدم الأسود بن حنظلة فاخذ سيفه ، وأخذ جعوثة الحضرمي قميصه فلبسه ، فصار أبرص ، وسقط شعره.
وروي : أنّه وجد في قميصه مائة وبضع عشرة ما بين رمية وطعنه وضربة ، وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام : «وجد فيه ثلاث وثلاثون طعنة ، وأربع وثلاثون ضربة» ، وأخذ سراويله بحير بن عمرو الجرمي ، فصار زمنا مقعدا من رجليه ، وأخذ عمامته جابر بن يزيد الأزدي فاعتم بها فصار مجذوما ، وأخذ مالك بن نسر الكندي درعه ، فصار معتوها ، وارتفعت في السماء ـ في ذلك الوقت ـ غبرة شديدة مظلمة ، فيها ريح حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتى ظنّ القوم أن العذاب قد جاءهم ، فلبثوا بذلك ساعة ، ثمّ انجلت عنهم».
قال : وقتل الحسين عليهالسلام ـ باتفاق الرواة ـ يوم عاشوراء عاشر محرم سنة إحدى وستين ، وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر ونصف.
قال : وأقبل فرس الحسين ، وقد عدا من بين أيديهم أن لا يؤخذ ، فوضع ناصيته في دم الحسين ، وذهب يركض إلى خيمة النساء ، وهو يصهل ويضرب برأسه الأرض عند الخيمة ، فلما نظرت أخوات الحسين وبناته وأهله