فابدت لي بعض حقائق الأمور حتى صرت عالما علم اليقين بأن الحق في هذه الدار باطل والباطل حق وان حديثها بات يروى بأبخس الأثمان ، فعقدت العزم على ترك الأمم في ميادين جريها ساعيا الى معانقة الكهوف تلبسني لباس العزلة اقضي ما تبقّى من قليل صبابة الايام بعيدا عن مسالك الانام في ديار الغفلة خوفا من أن يؤدي بي مواصلة السير الى جري القلم في سوح ملاعب خيل العامة أو الخاصة فاتهم بحيف وعدوان لا تصلحه التوبة ولا تطفئ لظى جمره المثلة ، فأصبح هدفا لمواقع السهام ، ترميني تارة بمخالفة السلف وشق عصا المسلمين بأعين العامة وأخرى بعدم قبول مقالة المشهور بمنظار الخاصة أو الرفض لمناهج الدين والشك في صحة أخبار المخبرين والنقد لحديثهم عن الجبارين بترك القول عن حياة صنوف الخلق أجمعين من أنهم كيف عاشوا وكيف الى مزالق الانحطاط عادوا بعد رقيهم في عهد قائدهم الأعظم وانه كيف راحت الاقلام تجري لمدح الظالمين أداء لحق الاسخياء المنعمين جزيل العطايا من بيت مال المسلمين.
فأوقفت جري القلم مخافة أن تترى عليّ السهام كشئابيب المطر حتى اغلظ القلم لي الخطاب وكرّر علي العتاب فاطلقت له طرفا من العنان خجلا وحياء من أن اتهم عنده بالجبن والنفاق أو بالعجز عن متابعة السباق فراح يجري مقيدا ببعض القيود يرسم سطرا من كتاب خطّه القدر بدماء الشهداء والاحرار ، فوقفت مبهوتا أكاد أن أكون من المعدمين أنظر جري القلم فيما يرسم من حقائق الأمور ويروي من كوارث الدهور ، ويسطر من نوادر المقدور من عجب عجاب لحديث عهد بالاسلام يروي عشرات الالوف من الأخبار التي ما ادعى رواية عشر معشارها السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فعلمت أن أمة تصدّق في نقل الحديث ما لا يعقل أمرها لمريب في