من بعد ما سقطت قوائم الحق واعيدت سنن الجاهلية في يوم السقيفة باحياء منطق السيف واماتة الحرية حتى أصبح شرعا يقتدى به على طول التأريخ باسم الدين فكم من سنة أميتت ، وآية فسّرت بالشهوات والرغبات وكلام حق أطلق اريد منه الباطل وهكذا ....
فرحت أمد الطرف أتابع الأيام وهي تسري لهول مطلع عظيم يزداد بذلك القلب اضطرابا يكاد أن يؤدي به ذلك إلى الهلاك حينما صكت مسامع الكون في اليوم التاسع من المحرم عصرا كلمات قائد جيش الضلال عمر بن سعد قائلا : يا خيل الله اركبي وابشري بالجنة ثم زحف بهم بعد صلاة العصر والحسين عليهالسلام جالس على باب فسطاطه حتى مرت به خيل لابن سعد تجول حوله ، فقرأ عليهالسلام : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) آل عمران / ١٧٨. وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب حتى جاءهم العباس عليهالسلام قائلا : أن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر وتنظرون.
ولما كان اليوم العاشر من المحرم من بعد ما أطلت الشمس على أراضي كربلاء لتظهر بنورها الوضاء صراع الحق مع الباطل قدّم الحسين عليهالسلام أول فداء للحق الذي رسمه قبل ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام ولده شبيه رسول الله صلىاللهعليهوآله علي الأكبر قبل كل قتيل من أهل بيته فضلا عن أصحابه.
وقد بيّن لنا عليهالسلام من هو الامام قائلا : فلعمري ما الامام إلا الحاكم بالكتاب القائم بالقسط ، الدائن بدين الحق ، الحابس نفسه على ذات الله والسلام.
فبعد هذا المشهد العظيم والخطب الجسيم أعيتني طوارق الدهور