فأجابه الحسين عليهالسلام : إنّك دعوت إلى الأمان والبرّ والصلة ، فخير الأمان أمان الله ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا ، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة.
ثم راح الحسين عليهالسلام يخطب الناس قائلا : أيها الناس أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله يعمل في عباده بالاثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله ألا وان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن واظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله.
فقلت في نفسي : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ويا ابن أمير المؤمنين عليهالسلام إن كان الرائي لجور سلطان ولم يغير عليه بفعل أو قول يكون حقا على الله أن يدخله مدخله فما حال من سولت لهم أنفسهم فأصبحوا يرون جور الجائرين عدلا وصلاحا ، وإذا كان عدم التغيير بعد مشاهدة الجور للجائرين مقتضيا لاستحقاق أن يدخل الله الرائي مدخل الظالم فما يكون شأن من يوجّه أعمال الجائرين وهو من العلماء والعارفين ويدعي أن تلك الأعمال من سنن النبيين وخلفائهم الطاهرين.
فأخذ الحسين عليهالسلام يجد السير حثيثا نحو الكوفة وقد كتب عبيد الله بن زياد الى عمر بن سعد أن لقيت حسينا وقد نزل هو وأصحابه على حكمنا واستسلموا فابعث بهم إليّ سلما وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثّل بهم فإنهم لذلك مستحقون فإن قتل حسين فأوط الخيل صدره وظهره فانه عاقّ مشاق قاطع ظلوم.
أجل هكذا يجب أن يرسم الشرع القويم على أيدي ولاة أمراء المؤمنين