عزيز ومعه ابن له صغير اسمه محمد ، فوقف بين الصفين فنادى : يا أهل الشام! هل فيكم أحد من كندة؟ قالوا : نعم ، ما تريد؟ قال : أنا رجل من كندة وهذا ابني فخذوه إليكم ، فإذا قتلت فابعثوا به إلى قومكم بالكوفة فإنه لا بد لي من القتال حتى أموت ، فنادوه : يا عم! لا تقتل نفسك ، هلم إلينا وأنت آمن.
فقال الشيخ : لا والله ، ما كنت لأرغب عما نويت به ، وقد عزّ علي مصارع إخواني الذين كانوا للبلاد نورا وللدين أركانا ، فجعل ولده يبكي ، فقال الشيخ لابنه : يا بني! والله ، لو كان عندي شيء آثر من طاعة ربي ، لكنت أنت ، ولو كان رضا ربي في قتلك لقتلتك والله في طاعته ، ثم تقدم للقتال وهو يقول :
قد علمت كندة من أعلامها |
|
أهل النهى ومن ذي أحكامها |
أهل عراقها وأهل شامها |
|
بأنني الليث لدى زحامها |
وحمل فقاتل حتى قتل (رحمهالله) ، وصار ابنه الى الشام ، وتقدم عبد الله بن عوف الأزدي إلى الراية فرفعها وقال : أيها الناس! قد بلغني عن قوم منكم يريدون الهرب في ليلتكم هذه ، لا والله ، لا يراني الله وأنا أولي ظهري عن هذا العدو ، دون أن أرد مورد إخواني ، لأني قد علمت أنه ليس في هذه الدّنيا عوض عن الآخرة.
ثم دنا من صفوف أهل الشام ومعه جماعة من الأزد وحمير وهمدان ، فقال أهل الشام : أنتم آمنون فلا تقتلوا أنفسكم ، فقال لهم كريب بن زيد الحميري : يا هؤلاء! إنا كنا آمنين في هذه الدنيا ، ولكنا خرجنا لطلب الأمان في الآخرة ، ثم التفت الى أصحابه وقال : احملوا عليهم فإنكم بحمد الله