فيرمونه من قريب فيصرعونه ويقتلونه ، فأمر عمر بن سعد أن يحرقوها بالنّار.
فقال الحسين لأصحابه : «دعوهم فليحرقوها ، فإنهم لو فعلوا لم يجوزوا إليكم منها». فأحرقوها وكان ذلك كذلك. وقيل : قال له شبث بن ربعي : أفزعت النساء ثكلتك امّك! فاستحيى من ذاك وانصرف عنه ، وجعلوا لا يقاتلونهم إلّا من وجه واحد ، وشدّ أصحاب زهير بن القين فقتلوا أبا عذرة الضبابي من أصحاب شمر.
قال : ولا يزال يقتل من أصحاب الحسين الواحد والاثنان ، فيتبين ذلك فيهم لقلّتهم ، ويقتل من أصحاب عمر العشرة والعشرون ، فلا يتبين ذلك فيهم لكثرتهم.
قال : ورأى أبو ثمامة الصيداوي زوال الشمس ، فقال للحسين : يا أبا عبد الله! نفسي لك الفداء ، أرى هؤلاء قد اقتربوا ، ولا والله ، تقتل حتى اقتل دونك ، واحبّ أن ألقى ربي وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها. فرفع الحسين رأسه إلى السماء ، وقال له : «ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلّين ، نعم ، هذا أول وقتها» ، ثم قال : «سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلّي».
فقال له الحصين بن نمير : إنها لا تقبل منك ، فقال له حبيب بن مظاهر : لا تقبل الصلاة زعمت من آل رسول الله ، وتقبل منك يا ختار! فحمل عليه الحصين ، وحمل عليه حبيب فضرب حبيب وجه الفرس ، فشبّ الفرس ، ووقع عنه الحصين فاحتوشه أصحابه فاستنقذوه.
فقال الحسين لزهير بن القين ؛ وسعيد بن عبد الله : «تقدّما أمامي» ، فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتّى صلّى بهم صلاة الخوف.