ثم حمل ، فلم يزل يقاتل حتى قتل جماعة ، فرجع إلى أمه وامرأته فوقف عليهما ، فقال: يا اماه! أرضيت عني؟ فقالت : ما رضيت ، أو تقتل بين يدي ابن بنت رسول الله ، فقالت له امرأته : أسألك بالله أن لا تفجعني بنفسك ، فقالت له امّه : لا تسمع قولها ، وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت رسول الله ليكون غدا شفيعك عند ربّك. فتقدّم وهو يقول:
إني زعيم لك أمّ وهب |
|
بالطعن فيهم تارة والضرب |
فعل غلام مؤمن بالرب |
|
حتى يذيق القوم مرّ الحرب |
إني امرؤ ذو مرّة وعصب |
|
ولست بالخوار عند النكب |
حسبي بنفسي من عليم حسبي |
|
إذا انتميت في كرام العرب |
ولم يزل يقاتل حتى قطعت يمينه ، فلم يبال ، وجعل يقاتل حتى قطعت شماله ، ثمّ قتل ، فجاءت إليه أمه تمسح الدّم عن وجهه ، فأبصرها شمر بن ذي الجوشن ، فأمر غلاما له فضربها بالعمود حتى شدخها وقتلها ، فهي أوّل امرأة قتلت في حرب الحسين عليهالسلام.
وذكر مجد الأئمة السرخسكي ، عن أبي عبد الله الحدّاد : أن وهب بن عبد الله هذا ، كان نصرانيا ، فأسلم هو وأمه على يد الحسين عليهالسلام ، وأنّه قتل في المبارزة أربعة وعشرين رجلا ، واثني عشر فارسا ، فاخذ أسيرا ، واتي به عمر بن سعد ، فقال له : ما أشدّ صولتك! ثم أمر فضرب عنقه ، ورمي برأسه إلى عسكر الحسين ، فأخذت أمه الرأس فقبلته ، ثم شدّت بعمود الفسطاط ، فقتلت به رجلين ، فقال لها الحسين : «ارجعي أمّ وهب! فإنّ الجهاد مرفوع عن النساء». فرجعت ، وهي تقول : إلهي لا تقطع رجائي ، فقال لها الحسين : «لا يقطع الله رجاك ، يا أمّ وهب! ، أنت وولدك مع رسول الله وذريته في الجنّة».