يزل يقاتل حتى عرقب فرسه ، وبقي راجلا ، فجعل يقاتل وهو يقول :
إن تعقروا بي فأنا ابن الحرّ |
|
أشجع من ذي لبدة هزبر |
ولست بالخوار عند الكرّ |
|
لكنّني الثابت عند الفرّ |
ثمّ لم يزل يقاتل حتى قتل ، فاحتمله أصحاب الحسين عليهالسلام حتى وضعوه بين يدي الحسين وبه رمق ، فجعل الحسين يمسح التراب عن وجهه ، وهو يقول له : «أنت الحرّ كما سمّتك به امك ، أنت الحرّ في الدّنيا ، وأنت الحرّ في الآخرة». ثمّ رثاه بعض أصحاب الحسين.
وقال الحاكم الجشمي : بل رثاه علي بن الحسين عليهالسلام بقوله :
لنعم الحر حرّ بني رياح |
|
صبور عند مشتبك الرماح |
ونعم الحر إذ نادى حسين |
|
فجاد بنفسه عند الصباح |
وروي : أنّه كان ينشد عند مكافحته :
آليت لا اقتل حتى اقتلا |
|
ولا اصاب اليوم إلّا مقبلا |
أضربهم بالسيف ضربا معضلا |
|
لا ناكلا فيهم ولا مهللا |
قال : ثمّ برز من بعده برير بن خضير الهمداني ، وهو يقول :
أنا برير وفتى خضير |
|
أضربكم ولا أرى من ضير |
يعرف في الخير أهل الخير |
|
كذاك فعل الخير من برير |
وكان برير من عباد الله الصالحين ، فحمل وقاتل قتالا شديدا ، وجعل ينادي فيهم : اقتربوا مني ، يا قتلة المؤمنين! اقتربوا مني ، يا قتلة أولاد البدريين! اقتربوا مني ، يا قتلة عترة خير المرسلين! فبرز إليه رجل يقال له : يزيد بن معقل ، فقال لبرير : أشهد أنّك من المضلّين ، فقال له برير : هلم ، فلندع الله أن يلعن الكاذب منّا ، وأن يقتل المحق منا المبطل.
فخرجا ، ودعوا الله تعالى في ذلك ، وتبارزا فضرب يزيد بريرا ضربة