واستمرّت حتى لم يبق منها إلّا صبابة كصابة الإناء إلّا خسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون أن الحق لا يعمل به ، وأن الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن فى لقاء الله ، وإنى لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما (١).
٨٣ ـ عنه أخبرنا خالى أبو المعالى محمّد بن يحيى القاضى ، أنبأنا سهل بن بشر الأسفرائنى ، أنبأنا محمّد بن الحسين بن أحمد بن السرى ، أنبأنا الحسين بن رشيق ، أنبأنا يموت بن المزرع ، أنبأنا محمّد بن الصباح السماك ، أنبأنا بشر بن طائحة. عن رجل من همدان ، قال : خطبنا الحسين بن على غداة اليوم الذي استشهد فيه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : عباد الله اتّقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر ، فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقى عليها أحد ، كانت الأنبياء أحقّ بالبقاء وأولى بالرضا ، وأرضى بالقضاء ، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء ، وخلق أهلها للفناء ، فجديدها بال ونعيمها مضمحلّ ، وسرورها مكفهر ، والمنزل بلغة والدار قلعة ، فتزوّدوا ، فإن خير الزاد التقوى فاتقوا الله لعلكم تفلحون(٢).
٨٤ ـ عنه أخبرنا أبو السعود أحمد بن محمّد المحلى أنبأنا محمّد بن محمّد بن أحمد ، أنبأنا عبد الله بن على بن أيوب ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن الجراح ، أنبأنا أبو بكر بن دريد ، قال : لما استكفّ الناس بالحسين ركب فرسه ثم استنصت الناس فأنصتوا له فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ثم قال : تبّا لكم أيتها الجماعة وترحا أحين استصرختمونا ولهين ، فأصرخناكم موجفين شحذتم علينا سيفا كان فى أيماننا ، وحششتم علينا نارا قد حناها على عدوّكم وعدوّنا.
فأصبحتم إلبا على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم بغير عدل رأيتموه بثوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ومن غير حدث كان منّا ولا رأى يفيّل فينا فهلّا لكم الويلات إذ كرهتمونا تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأى لم
__________________
(١) ترجمة الامام الحسين : ٢١٤.
(٢) ترجمة الامام الحسين : ٢١٥.