فابعث مراصدة على أفواه السكك وأصبح غدا فاستبرء الدور حتّى تأتى بهذا الرجل.
ثمّ نزل ، فلمّا أصبح أذن الناس فدخلوا عليه ، وأقبل محمّد بن الاشعث ، فقال : مرحبا بمن لا يتّهم ولا يستغش واقعده الى جنبه ، وأصبح بلال ابن العجوز التي آوت ابن عقيل فغدا الى عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث ، فأخبره بمكان ابن عقيل ، عند أمه فأقبل عبد الرحمن حتّى أتى إلى أبيه وهو جالس فسارّه فقال له ابن زياد. ما قال لك؟ قال : أخبرنى أنّ ابن عقيل فى دار من دورنا فنخسه ابن زياد بالقضيب فى جنبه ، ثمّ قال : قم فأتنى به الساعة (١).
١٥ ـ عنه قال أبو مخنف : فحدّثنى قدامة بن سعد بن زائده الثقفى ، ان ابن زياد بعث مع ابن الأشعث ستّين أو سبعين رجلا كلّهم من قيس عليهم عمرو بن عبيد الله ابن العباس السلمى ، حتّى أتوا الدار الّتي فيها ابن عقيل ، فلمّا سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال ، عرف أنّه قد أتى فخرج إليهم بسيفه فاقتحموا عليه الدار ، فشدّ عليهم كذلك ، فلمّا رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق السطوح وظهروا فوقه.
فأخذوا يرمونه بالحجارة ، ويلهبون النيران فى أطنان القصب ثمّ يقذفونها عليه من فوق السطوح ، فلمّا رأى ذلك قال : أكلما أرى من الاجلاب لقتل ابن عقيل؟ يا نفس أخرجى الى الموت الذي ليس منه محيص فخرج ـ رضوان الله عليه ـ مصلتا سيفه الى السكّة فقاتلهم ، فأقبل عليه محمّد بن الاشعث ، فقال : يا فتى لك الامان لا تقتل نفسك. فأقبل يقاتلهم وهو يقول :
اقسمت لا أقتل الّا حرّا |
|
وإن رأيت الموت شيئا نكرا |
أخاف ان أكذب أو اغرّا |
|
أو يخلط البارد سخنا مرّا |
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٦٧.