ثمّ بعث عبيد الله برءوسهما الى يزيد وكتب إليه بالنبإ فيهما. فكتب إليه يزيد : لم نعدّ الظنّ بك ، وقد فعلت فعل الحازم الجليد ، وقد سألت رسوليك عن الامر ، ففرشاه لى ، وهما كما ذكرت فى النصح ، وفضل الرأى ، فاستوص بهما ، وقد بلغنى أن الحسين بن على قد فصل من مكّة متوجّها الى ما قبلك ، فادرك العيون عليه ، وضع الارصاد على الطريق ، وقم أفضل القيام ، غير ألّا تقاتل الّا من قاتلك.
واكتب الىّ بالخبر فى كلّ يوم ، وكان أنفذ الرأسين إليه مع هانى بن أبى حيّة الهمدانيّ ، والزبير بن الاروح التميمى ، وكان قتل مسلم بن عقيل يوم الثلاثاء لثلاث خلون من ذى الحجّة سنة ستّين ، وهى السنة التي مات فيها معاوية (١).
٧ ـ قال اليعقوبى : وقدم عبيد الله بن زياد الكوفة وبها مسلم بن عقيل ، قد نزل على هانى بن عروة ، وهانى شديد العلّة وكان صديقا لابن زياد ، فلمّا قدم ابن زياد الكوفة أخبر بعلّة هانى ، فأتاه ليعوده ، فقال هانى لمسلم بن عقيل وأصحابه وهم جماعة إذا جلس ابن زياد عندى وتمكن فانى سأقول اسقونى فاخرجوا فاقتلوه فأدخلهم البيت وجلس فى الرواق وأتاه عبيد الله بن زياد يعوده.
فلمّا تمكّن قال هانى بن عروة : اسقونى فلم يخرجوا فقال : اسقونى ما يؤخّركم ، ثمّ قال : اسقونى ولو كانت فيه نفسى ، ففهم ابن زياد ، فقام ، فخرج من عنده ، ووجه بالشرط يطلبون مسلما ، وخرج وأصحابه وهو لا يشكّ فى وفاء القوم وصحّة نياتهم ، فقاتل عبيد الله فأخذوه فقتله عبيد الله وجرّ برجله فى السوق ، وقتل هانى بن عروة لنزول مسلم منزله وإعانته اياه (٢).
٨ ـ قال أبو الفرج : قال عمر بن سعد : عن أبى مخنف ، فحدّثنى المصعب بن زهير ، عن أبى عثمان : أنّ زيادا أقبل من البصرة ومعه مسلم بن عمرو الباهلى ، و
__________________
(١) الاخبار الطوال : ٢٣٣ ـ ٢٤٢.
(٢) تاريخ اليعقوبى : ٢ / ٢٣٠.