المسألة الثانية ـ في عموم هذه القصة وخصوصها :
روى عن مجاهد أنها للناس عامة. وروى عن عطاء أنها لأيوب خاصة ، وكذلك روى ابن زيد عن ابن القاسم عن مالك : من حلف ليضربنّ عبده مائة ، فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبرّ.
قال بعض علمائنا : يريد مالك قوله تعالى (١) : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً).
قال القاضي : شرع من قبلنا شرع لنا ، وقد بيناه في غير موضع ، وإنما انفرد مالك في هذه المسألة عن قصة أيوب هذه لا عن شريعته لتأويل بديع ، وهو أنّ مجرى الإيمان عند مالك في سبيل النية والقصد أولى لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات. والنية أصل الشريعة ، وعماد الأعمال ، وعيار التكليف ، وهي مسألة خلاف كبيرة بيننا وبين فقهاء الأمصار قد أوضحناها في كتب الخلاف.
وقصة أيوب هذه لم يصحّ كيفية يمين أيوب فيها ، فإنه روى أنه قال : إن شفاني الله جلدتك. وروى أنه قال : والله لأجلدنّك ، وهذه الروايات عن كتب الترمذي لا ينبنى عليها حكم ، فلا فائدة في النصب فيها ولا في إشكالها بسبيل التأويل ، ولا في طلب الجمع بينها وبين غيرها بجميع الدليل.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) يدلّ على أحد وجهين : إما لأنه لم يكن في شرعه كفّارة ، وإنما كان البرّ أو الحنث.
والثاني ـ أن يكون ما صدر منه نذر إلا يمينا ، وإذا كان النذر معينا فلا كفارة فيه عند مالك وأبى حنيفة.
وقال الشافعى : في كل نذر كفارة ، وهل مخرجها على التفصيل أو الإجمال؟
الآية الحادية عشرة ـ قوله تعالى (٢) : (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
__________________
(١) سورة المائدة ١١.
(٢) آية ٦٩.