ويشبه أن يكون الله تعالى أذن (١) له في ذلك ، وأنه يعطيه بسؤاله ، كما غفر لمحمد صلى الله عليه وسلم بشرط استغفاره. والله أعلم.
وفي الصحيح (٢) عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : إن عفريتا تفلّت (٣) علىّ البارحة ليقطع علىّ صلاتي ، فأمكننى الله منه ، وأردت أن أربطه إلى [جنب] (٤) سارية من سوارى المسجد ، ثم ذكرت قول أخى سليمان : ربّ [اغفر لي و] (٥) هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي. فأرسلته ، فلولا ذلك لأصبح يلعب به ولدان المدينة.
وهذا يدل على مراعاة النبي صلّى الله عليه وسلم لدعائه ، وأنّ معناه لا يكون لأحد في حياته ولا بعد مماته ، وذلك بإذن من الله تعالى مشروع ، إذ لا يجوز على النبي صلّى الله عليه وسلم غيره.
الآية العاشرة ـ قوله تعالى (٦) : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في سبب حلف أيوب عليه السلام :
روى عن ابن عباس قال : اتخذ إبليس تابوتا ، فوقف على الطريق يداوى الناس ، فأتته امرأة أيوب ، فقالت : يا عبد الله ، إن هاهنا إنسانا مبتلى من أمره كذا وكذا ، فهل لك أن تداويه؟ قال لها : نعم ، على أنى إن شفيته يقول كلمة واحدة : أنت شفيتني ، لا أريد منه غيرها.
فأخبرت بذلك أيوب ، فقال : ويحك! ذلك الشيطان ، لله علىّ إن شفاني الله لأجلدنّك مائدة جلدة. فلما شفاه الله أمره أن يأخذ ضغثا فيضربها به ، فأخذ شماريخ قدر مائة ، فضربها ضربة واحدة.
وروى عن ابن عباس أن ذلك من قوله : إنما كان حين باعت ذوائبها في طعامه ، وقد كانت عدمت الطعام ، وكرهت أن تتركه جائعا ، فباعت ذوائبها وجاءته بطعام طيّب ـ مرارا ، فأنكر ذلك عليها ، فعرفته به ، فقال ما قال.
__________________
(١) في ا : آذنه.
(٢) صحيح مسلم : ٣٨٤.
(٣) هكذا في الأصول ، وفي صحيح مسلم : يفتك. والفتك هو الأخذ في غفلة وخديعة.
(٤) من مسلم.
(٥) آية ٤٤.