المسألة الثانية ـ الجياد هي الخيل ، وكلّ شيء ليس برديء يقال له جيّد ، ودابة جيدة وجياد مثل سوط وسياط ، عرضت الخيل على سليمان عليه السلام فشغلته عن صلاة العشى بظاهر القولين ، قال المفسرون : هي العصر. وقد روى المفسرون حديثا أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الوسطى صلاة العصر ، وهي التي فاتت سليمان ، وهو حديث موضوع.
وقيل : كانت ألف فرس ورثها من داود عليه السلام كان أصابها من العمالقة ، وكان له ميدان مستدير يسابق بينها فيه ، فنظر فيها حتى غابت الشمس خلف الحجاب ، وهو ما كان يحجب بينه وبينها لا غير مما يدّعيه المفسرون ، وقيل أراد ـ وهي :
المسألة الرابعة ـ حتى توارث بالحجاب ، وغابت عن عينيه في السابقة ، لأنّ الشمس لم يجر لها ذكر ، وهذا فاسد بل قد تقدم عليها دليل ، وهو قوله : (بِالْعَشِيِ) ، كما تقول : سرت بعد العصر حتى غابت ـ يعنى الشمس ، وتركها لدلالة السامع لها عليها بما ذكر ممّا يرتبط بها ، وتعلّق بذكرها ، والغداة والعشىّ أمر مرتبط بمسير الشمس ، فذكره ذكر لها ، وقد بين ذلك لبيد بقوله (١).
حتى إذا ألقت يدا في كافر |
|
وأجنّ عورات الثغور ظلامها. |
المسألة الخامسة ـ فلما فاتته الصلاة قال (٢) : (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) ، يعنى الخيل ، وسمّاها خيرا لأنها من جملة المال الذي هو خير بتسمية الشارع له بذلك ، وقد قدمنا بيانه في سورة البقرة ، ولذلك قرأها ابن مسعود : إنى أحببت حبّ الخيل ـ بالتصريح بالتفسير ، قال (٣) : (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً) بسوقها وأعناقها ، فيه قولان:
أحدهما ـ مسحها بيده إكراما لها ، كما ورد في الحديث انّ النبي صلّى الله عليه وسلم رئي وهو يمسح عن فرسه عرقه بردائه ، وقال : إنى عوتبت الليلة في الخيل.
والثاني ـ أنه مسح أعناقها وسوقها بالسيوف عرقبة ، وهي رواية ابن وهب عن مالك ، وكان فعله هذا بها حين كانت سببا لاشتغاله بها عن الصلاة.
فإن قيل : كيف قتلها ، وهي خيل الجهاد؟
__________________
(١) ديوانه : ٣١٦ ، واللسان ـ مادة كفر. وألقت يدا : بدأت في المغيب. وعنى بالكافر الليل ، لأنه يستر بظلمته. وأجن : ستر. وكل مكان يتخوف منه فهو ثغر.
(٢) آية : ٣٢.
(٣) آية ٣٣.