وقد روى ابن وهب عن مالك أن الحكمة المعرفة بالدين ، والفقه فيه ، والاتباع له.
وروى عن ابن زيد أن فصل الخطاب هو الفهم وإصابة القضاء.
قال ابن العربي : وهذا صحيح ، فإن الله تعالى يقول في وصف كتابه العزيز (١) : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) ، لما فيه من إيجاز اللفظ (٢) ، وإصابة المعنى ، ونفوذ القضاء.
الآية الثالثة ـ قوله تعالى (٣) : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ).
الآية فيها ست مسائل :
المسألة الأولى ـ الخصم كلمة تقع على الواحد والاثنين والجمع (٤) وقوع المصادر على ذلك ، لأنه مصدر. وقد روى أنهما كانا اثنين ، فينتظم الكلام بهما ، ويصحّ المراد فيهما.
المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) ، يعنى جاءوا من أعلاه. والسورة المنزلة العالية كانت بقعة محسوسة أو منزلة معقولة (٥) قال الشاعر (٦) :
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة |
|
ترى كل ملك دونها يتذبذب |
فهذا هو المنزلة. وسور المدينة الموضع العالي منها ، وذلك كله بغير همز. والسؤر ـ مهموز : بقية الطعام والشراب في الإناء. والسؤر : الوليمة بالفارسية.
وفي الحديث أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب : يأهل الخندق ، إن جابرا قد صنع لكم سؤرا فحىّ هلا بكم.
المسألة الثالثة ـ في المحراب ، قد بيناه في سورة سبأ (٧).
المسألة الرابعة ـ قوله : (إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ).
قيل : إنهما كانا إنسيين ، قاله النقاش.
وقيل : ملكين ، قاله جماعة.
__________________
(١) سورة الطارق ، آية ١٣.
(٢) في ش : من إصابة اللفظ.
(٣) آية ٢١.
(٤) في ش : والجميع.
(٥) في ش : معلومة.
(٦) البيت للنابغة.
(٧) صفحة ١٥٨٥.