وفي كتاب أبى داود ، عن أبى سعيد الخدري ، قال : اختصم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلان (١) في حريم نخلة فأمر بها ـ وفي رواية له ـ فأمر بجريدة من جرائدها ـ فذرعت ، فوجدت سبعة أذرع. وفي رواية له أيضا خمسة أذرع ـ فقضى بذلك.
والذي يقضى به ما قلناه من أنه يأخذ حقّه في العمارة التامة من ناحية الأرض (٢) ، ويأخذ دوحتها في الهواء ، إلا أن تسترسل أغصانها على أرض رجل فإنه يقطع منها ما أضرّ به.
الآية الثالثة ـ قوله تعالى (٣) : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ).
فيها ثمان مسائل :
المسألة الأولى ـ العقبة فيها خمسة أقوال :
الأول ـ أنها طريق النجاة ، قاله ابن زيد.
الثاني ـ جبل في جهنم ، قاله ابن عمر.
الثالث ـ عقبة في جهنم هي سبعون درجة ، قاله كعب.
الرابع ـ أنها نار دون الحشر.
الخامس ـ أن يحاسب نفسه وهواه وعدوّه الشيطان ، قاله الحسن : عقبة والله شديدة.
المسألة الثانية ـ العقبة في اللغة هي الأمر الشاق ، وهو في الدنيا بامتثال الأمر والطاعة ، وفي الآخرة بالمقاساة للأهوال (٤). وتعيين أحد الأمرين لا يمكن إلّا بخبر الصادق.
المسألة الثالثة ـ «اقتحم» معناه قطع الوادي بسلوكه فيه. وقال الليث : هو رميه في وهدة بنفسه. وقال على : من سرّه أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض بين (٥) الجد والإخوة.
وإنما فسرناه بعد العقبة لأن الموصوف تقدم (٦) في الشرح على الصفة بحكم النظر الحقيقي حسبما بيناه في أصول الفقه.
المسألة الرابعة ـ اختار (٧) البخاري من هذا التقسيم قول مجاهد : إنه لم يقتحم العقبة في الدنيا ، وإنما اختار ذلك ، لأنه قال بعد ذلك في الآية الثالثة (٨) : (وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ).
__________________
(١) في ش : رجل.
(٢) في ا : في ساحة الأرض.
(٣) آية ١١.
(٤) في ش : بمقاساة الأهوال.
(٥) في ش : في.
(٦) في ش : يقدم.
(٧) في ا : اختيار.
(٨) آية ١٢.