عادة فلا يمنع ، فقد كانت العرب تقسم في ذلك بمن تكره ، فكيف بمن تعظم. قال ابن ميادة :
أظنّت سفاها من سفاهة رأيها |
|
لأهجوها لما هجتنى محارب |
فلا وأبيها إننى بعشيرتى (١) |
|
ونفسي عن هذا المقام لراغب |
وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أحد فقهاء المدينة السبعة :
لعمر أبى الواشين أيان نلتقي |
|
لما لا تلاقيها من الدّهر أكثر |
يعدون يوما واحدا إن لقيتها |
|
وينسون أياما (٢) على النأى تهجر |
وقال آخر :
لعمر أبى الواشين لا عمر غيرهم |
|
لقد كلفتني خطة لا أريدها |
وقال آخر :
فلا وأبى أعدائها (٣) لا أزورها
وإذا كان هذا شائعا كان من هذا الوجه سائغا.
الآية الثانية ـ قوله تعالى (٤) : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ في قوله : (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ).
فيها أربعة أقوال :
أحدها ـ وأنت ساكن ، تقدير الكلام أقسم بهذا البلد الذي أنت فيه [لكرامتك علىّ ، وحبّى لك ، وتكون هذه الجملة على نحو الحال ، كأنه قال : أقسم بهذا البلد وأنت](٥) فيه.
الثاني ـ وأنت حلّ بهذا البلد يحل لك فيه القتل. وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم: إن مكة حرّمها (٦) الله يوم خلق السموات والأرض ، لم تحلّ لأحد قبلي ، ولا تحلّ لأحد بعدي ، وإنما حلت لي ساعة من نهار ، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس.
الثالث ـ ويرجع إلى الثاني أنه يحلّ لك دخوله بغير إحرام ، دخل النبىّ صلّى الله عليه وسلم مكة وعلى رأسه المغفر ، ولم يكن محرما.
__________________
(١) في ش : لعشيرتى.
(٢) في ا : يوما.
(٣) في ش : فلا وأبى أعدائها.
(٤) آية ٢.
(٥) من ش.
(٦) في ش ، م : الله حرمهما.