وتقليبا للدفاتر بالبيان حتى وجدت أبا عمرو قد ذكر هذا ، فإما أن تكون لغة نقلها ، وإما أن تكون نكتة أخذها من هذا الحديث واستنبطها. والغالب في ألسنة الصحابة (١) والتابعين غلبة الليالى للأيام ، حتى إن من كلامهم : «صمنا خمسا» يعبّرون به عن الليالى ، وإن كان الصوم في النهار. والله أعلم.
الآية الثالثة ـ قوله تعالى (٢) : (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ للعلماء في تعيينها ثمانية أقوال :
الأول ـ أن الصلاة شفع كلها ، والمغرب وتر (٣) ، قاله عمران (٤) بن حصين ، عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم ـ [خرجه الترمذي] (٥).
الثاني ـ أن الشّفع أيام النحر ، والوتر يوم عرفة ، رواه جابر عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم.
الثالث ـ أن الشفع يوم منى ، والوتر الثالث من أيام منى ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة.
الرابع ـ أن الشفع عشر ذي الحجة ، والوتر أيام منى لأنها ثلاثة.
الخامس ـ الشفع الخلق ، والوتر الله تعالى ، قاله قتادة.
السادس ـ أنه الخلق كله ، لأن منه شفعا ومنه وترا.
السابع ـ أنه آدم ، وتر شفعته زوجته ، فكانت شفعا له ، قاله الحسن.
الثامن ـ أن العدد منه شفع ، ومنه وتر.
المسألة الثانية ـ هذه الآية خلاف التي قبلها ، لأن ذكر الشفع كان بالألف واللام المقتضية للعهد لاستغراق الجنس ، ما لم يكن هنالك عهد ، وليس بممتنع أن يكون المراد بالشفع والوتر كلّ شفع ووتر مما ذكر ومما لم يذكر ، وإن كان ما ذكر يستغرق ما ترك في الظاهر. والله أعلم.
__________________
(١) في م ، ش : الفصحاء.
(٢) آية ٣.
(٣) في ش : وتر كلها.
(٤) في ش : قاله عمر.
(٥) ساقط من م ، ش.