بأول الفعل عند الفجر ، لوجوده والناس في غفلة ، وبقيت (١) سائر العبادات على الأصل.
وتوهّم بعض القاصرين عن معرفة الحق أن تقديم النية على الصلاة جائز بناء على ما قال علماؤنا من تجويز تقديم النية على الوضوء في الذي يمشى إلى النهر في الغسل ، فإذا وصل واغتسل نسى أن يجزئه ـ قال : فكذلك الصلاة. وهذا القائل ممن دخل (٢) في قوله تعالى (٣) : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) ، وقد بيناه في كل موضع يعترى فيه ، وحققنا أن الصلاة أصل متفق عليه في وجوب النية ، والوضوء فرع مختلف فيه ، فكيف يقاس المتفق عليه على المختلف فيه ، ويحمل الأصل على الفرع.
المسألة الثالثة ـ قوله تعالى : (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى). [إذا قلنا : إنه] (٤) الذكر الثاني باللسان المخبر عن ذكر القلب المعبر عنه بأنه مشروع في الصلاة مفتتح به في أولها باتفاق من الأئمة ، لكنهم اختلفوا في تعيينه ، فمنهم من قال : إنه كلّ ذكر حتى لو قال : «سبحان الله» بدل التكبير أجزأه ، بل لو قال بدل الله أكبر : بزرگ خداى ـ لأجزأه ، منهم أبو حنيفة.
وقال أبو يوسف : يجزئه «الله الكبير» والله أكبر ، والله الأكبر.
وقال الشافعى : يجزئه الله أكبر والله الأكبر. [وقال مالك : لا يجزئه إلا قوله :] (٥) الله أكبر.
فأما تعلق أبى حنيفة في الذكر بالعجمية بقوله تعالى (٦) : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) فيأتى ذكر وجه التقصّى عنه في الآية التي بعد هذه إن شاء الله تعالى.
وأما قوله : إنه الذكر مطلقا بقوله العام : (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) فهذا العام قد عيّنه قول النبي صلّى الله عليه وسلم وفعله ، أما قوله فهو في الحديث المشهور : تحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم. وأما الفعل فإنه كان يقول : في صلاته كلها : الله أكبر.
__________________
(١) في ش : وبقية.
(٢) في ا : أدخله.
(٣) سورة الملك ، آية ٢٢.
(٤) ساقط من م ، ش.
(٥) آية ١٨ ، ١٩ من السورة نفسها.