سورة ص
[فيها إحدى عشرة آية]
الآية الأولى ـ قوله تعالى (١) : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قد ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة سبأ (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) ، فأذن الله للجبال ، وخلق فيها ، ويسّر لها أن تسبّح مع داود عليه السلام إذا سبّح ، وكذلك الطير ، وكان تسبيح داود إثر صلاته عند طلوع الشمس ، وعند غروبها ، وهي صلاة الأمم قبلنا فيما يروى أهل التفسير ، ثم قال (٢) : والطّير محشورة ، وهي :
المسألة الثانية ـ (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) ، أى راجع إليه ، ترجع معه ، وتسبّح بتسبيحه ، وتحنّ إلى صوته لحسنه ، وتمثّل مثل عبادته لربه.
فإن قيل : وهل للطير عبادة أو تكليف؟
قلنا : كلّ له عبادة ، وكلّ له تسبيح كما تقدم ، والكلّ مكلّف بتكليف التسخير ، وليس بتكليف الثواب والعقاب ، وإنما جعل الله ذلك كله آية لداود عليه السلام وكرامة من تسخير الكلّ له تسخير القهر والغلبة ، وآمن الجنّ بمحمد صلى الله عليه وسلم إيمان الاختيار والطاعة ، فقالوا (٣) : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) «(٤) (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ).
المسألة الثالثة ـ قال ابن عباس : ما كنت أعلم صلاة الضحى في القرآن حتى سمعت الله يقول : (يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) ، وعلى هذا جاء قوله أيضا (٥) ـ في أحد التأويلات ، (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ).
__________________
(١) آية ١٨.
(٢) آية ١٩.
(٣) سورة الجن ، آية ١ ، ٢.
(٤) سورة الأحقاف ، آية ٣١.
(٥) سورة النور ، آية ٣٦.