والأصحّ هاهنا أنها صلاة الضّحى (١) والعصر ، فأما صلاة الضحى فهي في هذه الآية نافلة مستحبّة ، وهي في الغداة بإزاء العصر في العشىّ ، لا ينبغي أن تصلّى حتى تبيضّ الشمس. طالعة ، ويرتفع كدرها ، وتشرق بنورها ، كما لا تصلّى العصر إذا اصفرّت الشمس.
ومن الناس من يبادر بها قبل ذلك استعجالا لأجل شغله ، فيخسر عمله ، لأنه يصلّيها في الوقت المنهىّ عنه ، ويأتى بعمل هو عليه لا له.
المسألة الرابعة ـ ليس لصلاة الضّحى تقدير معيّن إلا أنها صلاة تطوّع ، وأقلّ التطوّع عندنا ركعتان ، وعند الشافعى ركعة. وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف.
وفي صلاة الضحى أحاديث أصولها ثلاثة :
الأول ـ حديث (٢) أبى ذرّ وغيره ، عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : يصبح على كل سلامى (٣) من ابن آدم صدقة : تسليمه على من لقيه صدقة ، وأمره بالمعروف صدقة ، ونهيه عن المنكر صدقة ، وإماطته الأذى عن الطريق صدقة ، ونفقته على (٤) أهله صدقة ، ويكفى عن ذلك كله ركعتان من الضحى.
الثاني ـ حديث سهل بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال : من قعد في مصلّاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبّح صلاة الضحى لا يقول إلّا خيرا غفرت خطاياه ، وإن كانت مثل (٥) زبد البحر.
الثالث ـ حديث أم هانئ أن النبي صلّى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح [ضحى] (٦) ثماني ركعات ، وقالت عائشة : ما سبّح رسول الله صلّى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط ، وإنى لأستحبّها.
وعنها أيضا (٧) أنها قالت : لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلّى الضحى إلا أن يجيء من مغيبه. وتمام ذلك في شرح الحديث.
__________________
(١) في ا : أنها صلاة الصبح.
(٢) صحيح مسلم : ٤٩٩.
(٣) قال النووي : أصله عظام الأصابع وسائر الكف ، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله.
(٤) في ا : ويضعه أهله.
(٥) في م : وإن كان أكثر من زبد البحر.
(٦) من م.
(٧) مسلم : ٤٩٧. (٣ ـ أحكام ـ ٤).