قرآن منزل ، وجائز قراءة القرآن بالتفسير في معرض التفسير.
فأما من قال : المراد بذلك النية ، فهو أول السعى ومقصوده الأكبر فلا خلاف فيه.
وأما من قال : إنه السّعى على الأقدام فهو أفضل ، ولكنه ليس بشرط. في الصحيح أن أبا عيسى بن جبير ـ واسمه عبد الرحمن ، وكانا من كبار الصحابة ـ يمشى إلى الجمعة راجلا. وقال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرّمهما الله على النار ، فذلك فضل وأجر لا شرط.
وأما من قال : إنه العمل فأعمال الجمعة هي : الاغتسال ، والتمشط ، والادهان ، والتطيب ، والتزين باللباس ، وفي ذلك كله أحاديث بيانها في كتب الفقه ، وظاهر الآية وجوب الجميع ، لكن أدلة الاستحباب ظهرت على أدلة الوجوب ، فقضى بها حسبما بيناه في شرح الحديث.
المسألة الثامنة ـ قوله تعالى : (إِلى ذِكْرِ اللهِ).
اختلف الناس فيه ، فمنهم من قال : إنه الخطبة ، قاله سعيد بن جبير.
ومنهم من قال : إنه الصلاة.
والصحيح أنه [واجب] (١) الجميع أوّله الخطبة ، فإنها تكون عقب النداء ، وهذا يدل على وجوب الخطبة ، وبه قال علماؤنا ، إلا عبد الملك بن الماجشون فإنه رآها سنّة. والدليل على وجوبها أنها تحرّم البيع ، ولولا وجوبها ما حرّمته ، لأن المستحب لا يحرم المباح. وإذا قلنا : إنّ المراد بالذكر الصلاة فالخطبة من الصلاة ، والعبد يكون ذاكرا لله [بفعله] (٢) كما يكون مسبّحا لله بفعله.
المسألة التاسعة ـ قوله تعالى : (وَذَرُوا الْبَيْعَ). وهذا مجمع على العمل به ، ولا خلاف في تحريم البيع ، واختلف العلماء إذا وقع ، ففي المدونة يفسخ.
وقال المغيرة : يفسخ ما لم يفت. وقاله ابن القاسم ـ في الواضحة ، وأشهب ، وقال في المجموعة : البيع ماض.
وقال ابن الماجشون : يفسخ بيع من جرت عادته به.
__________________
(١) من ش.
(٢) ما بين القوسين ساقط في ش.