وفي الصحيح : ليس منا من خمش الوجوه ، وشقّ الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية.
فإن قيل : كيف جاز أن تستثني معصية ، وتبقى على الوفاء بها ، ويقرّها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك؟.
قلنا : وقد بيناه في شرح الحديث الصحيح الكافي ، منه أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم أمهلها حتى تسير إلى صاحبتها لعلمه بأن ذلك لا يبقى في نفسها ، وإنما ترجع سريعا عنه ، كما روى أنّ بعضهم شرط ألّا يخرّ إلا قائما ، فقيل في أحد تأويليه : إنه لا يركع ، فأمهله حتى آمن ، فرضي بالركوع.
وقيل : أرادت أن تبكى معها بالمقابلة التي هي حقيقة النوح خاصة.
المسألة الثانية عشرة ـ في صفة أركان البيعة على ألّا يشركن بالله شيئا ......... إلى آخر الخصال الست.
صرح فيهن بأركان النّهى في الدين ، ولم يذكر أركان الأمر ؛ وهي الشهادة ، والصلاة والزكاة ، والصيام ، والحج ، والاغتسال من الجنابة ؛ وهي سنة (١) في الأمر في الدين وكيدة مذكورة في قصة جبريل مع النبي صلّى الله عليه وسلم. وفي اعتماده الإعلام بالمنهيات دون المأمورات حكمان اثنان :
أحدهما ـ أنّ النهى دائم ، والأمر يأتى في الفترات (٢) ؛ فكان التنبيه على اشتراط الدائم أو أوكد.
الثاني ـ أن هذه المناهي كانت في النساء كثير من يرتكبها ، ولا يحجزهن عنها شرف الحسب ، ولذلك روى أن المخزومية سرقت ، فأهمّ قريشا أمرها ، وقالوا : من يكلّم رسول الله صلّى الله عليه وسلم [إلا أسامة] (٣) ، فكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال : أتشفع في حدّ من حدود الله! وذكر الحديث.
فحص الله ذلك بالذكر لهذا ، كما روى أنه قال لو قد عبد القيس : آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع ؛ آمركم بالإيمان بالله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن تؤدّوا خمس ما غنمتم ،
__________________
(١) في ش : ستة. وفي القرطبي : وهي ستة أيضا ..
(٢) في ش : القرآن.
(٣) من ش.