سورة الممتحنة
[فيها سبع آيات]
الآية الأولى ـ قوله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ).
فيها ثمان مسائل :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها (٢) :
روى في الصحيح واللفظ في البخاري (٣) أنّ أبا عبد الرحمن السلمى ـ وكان عثمانيا ـ قال لابن عطية ـ وكان علويا : قد علمت ما جرّأ صاحبك على الدماء ، سمعته يقول : بعثني النبىّ صلّى الله عليه وسلم والزبير فقال : ائتوا روضة خاخ (٤) : وتجدون بها امرأة أعطاها حاطب كتابا ، فأتينا الرّوضة ، فقلنا : الكتاب؟ فقالت : لم يعطني شيئا ، فقلنا : لتخرجنّ الكتاب أو لنجردنّك. فأخرجته من حجزتها ، أو قال : من عقاصها.
فأرسل [رسول الله] (٥) إلى حاطب فقال : لا تعجل ، فو الله ما كفرت وما ازددت (٦) للإسلام إلا حبّا ، ولم يكن أحد من أصحابك إلّا وله بمكة من يدفع الله به عن أهله وماله ، ولم يكن لي أحد ، فأحببت أن أتّخذ عندهم يدا ، فصدّقه النبي صلّى الله عليه وسلم ، فقال عمر : دعني أضرب عنقه ؛ فإنه قد نافق ، فقال له : ما يدريك! لعل الله قد اطّلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فهذا الذي جرأه ، ونزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ...) الآية إلى : (غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧).
المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ) قد بينا العداوة والولاية وأنّ مآلهما إلى القرب والبعد في الثواب والعقاب في كتاب الأمد الأقصى.
__________________
(١) آية ١.
(٢) أسباب النزول للسيوطي : ١٦٧ ، وللواحدي : ٢٣٩.
(٣) في ش : للبخاري.
(٤) موضع بين مكة والمدينة على اثنى عشر ميلاد من المدينة.
(٥) من القرطبي.
(٦) في ش : وما أردت للإسلام إلا خيرا.
(٧) آخر آية ١٢.