عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) عن ذكر حصوله لقتال أو لغير قتال ، فنشأ الخلاف من هاهنا ، فمن طائفة قالت : هي ملحقة بالأولى ، وهو مال الصلح كله ونحوه. ومن طائفة قالت : هي ملحقة بالثانية ، وهي آية الأنفال.
والذين قالوا : إنها ملحقة بآية الأنفال اختلفوا : هل هي منسوخة كما تقدم أو محكمة؟ وإلحاقها بشهادة الله بالأولى أولى ، لأن فيه تجديد فائدة ومعنى. ومعلوم أنّ حمل الحرب على فائدة مجددة أولى من حمله على فائدة معادة. وهذا القول ينظم لك شتات الرأى ، ويحكم المعنى من كل وجه ، وإذ انتهى الكلام إلى هذا القدر فيقول مالك : إن الآية الثانية في بنى قريظة إشارة إلى أنّ معناها يعود إلى آية الأنفال ويلحقها النسخ ، وهو أقوى من القول بالإحكام ، ونحن لا نختار إلا ما قسمنا وبينا أن الآية الثانية لها معنى مجدّد حسبما دلّلنا عليه. والله أعلم.
الآية السابعة ـ قوله تعالى (١) : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في المعنى. وفيه ثلاثة أقوال :
الأول ـ معناها ما أعطاكم من الفيء ، وما منعكم منه فلا تطلبوه.
الثاني ـ ما آتاكم الرسول من مال الغنيمة فخذوه وما نهاكم عنه من الغلول فلا تأتوه.
الثالث ـ ما أمركم به من طاعتي فافعلوه وما نهاكم عنه من معصيتي فاجتنبوه. وهذا أصح الأقوال ، لأنه لعمومه تناول الكلّ ، وهو صحيح فيه مراد به.
المسألة الثانية ـ وقع القول هاهنا مطلقا بذلك ، وقيّده النبىّ صلّى الله عليه وسلم بقوله : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه
. وقد بينا تحقيق ذلك من قبل.
المسألة الثالثة ـ إذا أمر النبىّ بأمر كان شرعا ، وإذا نهى عن شيء لم يكن شرعا ،
__________________
(١) من الآية السابقة.