رِكابٍ) هي النّضير ، لم يكن فيها خمس ، ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، كانت صافية لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فقسّمها بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار : أبى دجانة سماك بن خرشة ، وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمة. وقوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) هي قريظة ، وكانت قريظة والخندق في يوم واحد.
المسألة الثانية ـ هذا لباب الأقوال الواردة ، وتحقيقها أنه لا خلاف أن السورة سورة النّضير. وأن (١) الآيات الواردة فيها آيات بنى النّضير وإن كان قد دخل فيها بالعموم من قال بقولهم وفعل فعلهم ، وفيها آيتان : الآية الأولى ـ قوله تعالى : (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ). والثانية قوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى). وفي الأنفال آية ثالثة وهي (٢) : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ........).
واختلف الناس : هل هي ثلاثة معان أو معنيان؟ ولا إشكال في أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات : أما الآية الأولى فهي قوله (٣) : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ). ثم قال (٤) : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) ، يعنى من أهل الكتاب معطوفا عليه (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) ، يريد ـ كما بينا ـ فلا حقّ لكم فيه ، ولذلك قال عمر : إنها كانت خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ـ يعنى بنى النّضير ، وما كان مثلها ، فهذه آية واحدة ومعنى متّحد.
الآية السادسة ـ قوله تعالى (٥) : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى).
وهذا كلام مبتدأ غير الأول لمستحقّ غير الأول ، وسمّى الآية الثالثة آية الغنيمة ، ولا شك في أنه معنى آخر باستحقاق ثان لمستحقّ آخر ، بيد أن الآية الأولى والثانية اشتركتا في أن كلّ واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله ، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال ، واقتضت آية الأنفال أنه حاصل بقتال ، وعريت الآية الثالثة وهي قوله : (ما أَفاءَ اللهُ
__________________
(١) في ا : وأما.
(٢) آية ٤١.
(٣) آية ٢ من هذه السورة.
(٤) آية ٦ من هذه السورة أيضا.
(٥) هي الآية السابقة نفسها.