الآية الرابعة ـ قوله تعالى (١) : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ).
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها (٢) :
ثبت في الصحيح أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم حرق نخل بنى النضير ، وقطع ، وهي البويرة (٣) ، ولها يقول حسان بن ثابت (٤) :
لهان على سراة بنى لؤىّ |
|
حريق بالبويرة مستطير |
فأنزل الله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ ...) الآية.
المسألة الثانية ـ اختلفت الناس في تخريب دار العدوّ وحرقها وقطع ثمارها على قولين:
الأول ـ أن ذلك جائز ، قاله في المدوّنة.
الثاني ـ إن علم المسلمون أن ذلك لهم لم يفعلوا ، وإن ييأسوا فعلوا ، قاله مالك في الواضحة وعليه تناظر الشافعية (٥) ، والصحيح الأول.
وقد علم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنّ نخل بنى النّضير له ، ولكنه قطع وحرق ليكون ذلك نكاية لهم ووهنا فيهم ، حتى يخرجوا عنها ، فإتلاف بعض المال لصلاح باقيه مصلحة جائزة شرعا مقصودة عقلا.
المسألة الثالثة ـ اختلف الناس في النوع الذي قطع ، وهو اللّينة ، على سبعة أقوال :
الأول ـ أنه النخل كله ، إلا العجوة ، قاله الزهري ، ومالك ، وعكرمة ، والخليل الثاني ـ أنه النخل كله ، قاله الحسن.
الثالث ـ أنه كرائم النخل ، قاله ابن شعبان.
الرابع ـ أنه العجوة خاصة ، قاله جعفر بن محمد.
الخامس ـ أنها النخل الصغار ، وهي أفضلها.
__________________
(١) آية ٥.
(٢) أسباب النزول للواحدي : ٢٣٧ ، وللسيوطي : ١٦٦.
(٣) البويرة : موضع منازل بنى النضير اليهود.
(٤) ياقوت مادة (البويرة) ، ديوانه ١٩٤ ، وفيه : وهان.
(٥) في ش : وعليه يناظر أصحاب الشافعى.