المسألة الثانية ـ قوله تعالى : (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ).
فيه خمسة أقوال :
الأول ـ يخربون بأيديهم بنقض الموادعة ، وبأيدى المؤمنين بالمقاتلة ؛ قاله الزهري.
الثاني ـ بأيديهم في تركهم لها ، وبأيدى المؤمنين في إجلائهم عنها ؛ قاله أبو عمرو بن العلاء.
الثالث ـ بأيديهم داخلها ، وأيدى المؤمنين خارجها ؛ قاله عكرمة.
الرابع ـ كان المسلمون إذا هدموا بيتا من خارج الحصن هدموا بيوتهم يرمونهم منها(١).
الخامس ـ كانوا يحملون ما يعجبهم فذلك خراب أيديهم.
وتحقيق هذه الأقوال : أنّ التناول للإفساد إذا كان باليد كان حقيقة ، وإن كان بنقض العهد كان مجازا ، إلا أنّ قول الزهري في المجاز أمثل من قول أبى عمرو بن العلاء.
المسألة الثانية ـ زعم قوم أنّ من قرأها بالتشديد أراد هدمها ، ومن قرأها بالتخفيف أراد جلاءهم منها ؛ وهذه دعوى لا يعضدها لغة ولا حقيقة ، والتضعيف بديل الهمزة في الأفعال.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ).
وهي كلمة أصولية قد بيناها في موضعها ، ومن وجوه الاعتبار أنهم اعتصموا بالحصون دون الله عزّ وجل ، فأنزلهم الله منها (٢). ومن وجوهه (٣) أنه سلّط عليهم من كان يرجوهم ، ومن وجوهه (٤) أنهم هدموا أموالهم بأيديهم. ومن لم يعتبر بغيره اعتبر بنفسه. ومن الأمثال الصحيحة : السعيد من وعظ بغيره.
الآية الثالثة ـ قوله تعالى (٥) : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
فيها مسألة واحدة.
يعنى نقضوا العهد.
وتحقيقه أنهم صاروا في شق ، أى جهة ، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم في أخرى ، وذكر الله مع رسوله تشريف له ، وكان نقضهم العهد لخبر ، رواه جماعة ، منهم ابن القاسم ،
__________________
(١) في ش : بها.
(٢) في ش : عنها.
(٣) في ا : وجهه.
(٤) آية ٤.