صغّر اسم أبى في حلّ ، وكان الغالب على اسم أبيه التصغير بضمّ العين. والذي يضبط هذا كله ما قدمناه من الكراهة لأجل الإذاية. والله أعلم.
الآية السادسة ـ قوله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في حقيقة الظن. وقد قال علماؤنا : إنّ حقيقة الظنّ تجويز أمرين في النفس لأحدهما ترجيح على الآخر. والشكّ عبارة عن استوائهما. والعلم هو حذف أحدهما وتعيين الآخر. وقد حققناه في كتب الأصول.
المسألة الثانية ـ أنكرت جماعة من المبتدعة تعبّد الله تعالى بالظن ، وجواز العمل به تحكّم في الدين ، ودعوى في العقول ، وليس (٢) في ذلك أصل يعوّل عليه ، فإن الباري تعالى لم يذم جميعه ، وإنما ورد الذمّ كما قررناه آنفا في بعضه.
ومتعلّقهم في ذلك حديث أبى هريرة (٣) ، قال النبي صلّى الله عليه وسلم : إياكم والظن ، فإن الظنّ أكذب الحديث [ولا تحسسوا] (٤) ولا تجسّسوا ، ولا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا.
وهذا لا حجة فيه ، لأن الظن في الشريعة قسمان : محمود ، ومذموم ، فالمحمود بدلالة قوله : (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ، وكقوله (٥) : (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ. وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً). وقال النبي صلّى الله عليه وسلم : إذا كان أحدكم مادحا أخاه لا محالة فليقل أحسبه كذا ، ولا أزكّى على الله أحدا. وعبادات الشرع وأحكامه ظنية في الأكثر حسبما بيناه في أصول الفقه ، وهي مسألة تفرق بين الغبىّ والفطن.
الآية السابعة ـ قوله تعالى (٦) : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
__________________
(١) آية ١٢.
(٢) في ا : فليس.
(٣) مسلم : ١٩٨٥.
(٤) من ش.
(٥) سورة النور ، آية ١٢.
(٦) آية ١٣.