قال مالك : ولا بد من إمام برّ أو فاجر.
وقال ابن إسحاق ـ في حديث يرويه معاوية : إذا كان في الأرض خليفتان فاقتلوا أحدهما ، وقد بلغني أنه كان يقول : لا تكرهوا الفتنة فإنها حصاد المنافقين.
المسألة الحادية عشرة ـ لا يقتل أسيرهم ، ولا يتبع منهزمهم ، لأنّ المقصود دفعهم لا قتلهم.
وأما الذي يتلفونه من الأموال فعندنا أنه لا ضمان عليهم في نفس ولا مال.
وقال أبو حنيفة : يضمنون ، وللشافعي قولان.
وجه قول أبى حنيفة أنه إتلاف بعدوان ، فليلزم الضمان.
والمعوّل في ذلك كلّه عندنا على ما قدمناه من أنّ الصحابة رضى الله عنهم في خروجهم لم يتبعوا مدبرا ولا ذفّفوا (١) على جريح ، ولا قتلوا أسيرا ، ولا ضمنوا نفسا ولا مالا ، وهم القدوة والله أعلم بما كان في خروجهم من الحكمة في بيان أحكام قتال (٢) البغاة بخلاف الكفرة.
المسألة الثانية عشرة ـ إن ولّوا قاضيا ، وأخذوا زكاة ، وأقاموا حقّا بعد ذلك كلّه جاز ، قاله مطرف وابن الماجشون.
وقال ابن القاسم : لا يجوز بحال.
وروى عن أصبغ أنه جائز. وروى عنه أيضا أنه لا يجوز كقول ابن القاسم. وقاله أبو حنيفة ، لأنه عمل بغير حق ممن (٣) لا يجوز توليته ، قلم يجز كما لو كانوا (٤) بغاة.
والعمدة لنا ما قدمناه من أن الصحابة رضى الله عنهم [في خروجهم] (٥) لم يتبعوا مدبرا ، ولا ذفّفوا على جريح ، ولا قتلوا أسيرا ، ولا ضمنوا نفسا ولا مالا ، وهم القدوة. والله أعلم.
وأن الصحابة لما انجلت الفتنة ، وارتفع الخلاف بالهدنة والصلح لم يعرضوا لأحد منهم في حكم.
قال القاضي ابن العربي رضى الله عنه : الذي عندي أنّ ذلك لا يصلح ، لأنّ الفتنة لما انجلت كان الإمام هو الباغي ، ولم يكن هناك من يعترضه. والله أعلم.
فإن قيل : فأهل ما وراء النّهر (٦) وإن لم يكن لهم إمام ، ولم يعترض لهم حكم!
__________________
(١) ذفف على الجريح : أجهز عليه.
(٢) في ا : قتل.
(٣) في ا : من.
(٤) في ا : كما لو لم يكونوا بغاة.
(٥) من ش.
(٦) في ش : فأهل حروراء والنهروان.