وهو الذي يخرج على (١) الإمام يبغى خلعه أو يمنع (٢) من الدخول في طاعة له ، أو يمنع حقا يوجبه عليه بتأويل. فإن جحده فهو مرتدّ.
وقد قاتل الصديق رضى الله عنه البغاة والمرتدّين ، فأما البغاة فهم الذين منعوا الزكاة بتأويل ، ظنّا منهم أنها سقطت بموت النبي صلّى الله عليه وسلم. وأما المرتدّون فهم الذين أنكروا وجوبها ، وخرجوا عن دين الإسلام بدعوى نبوة غير محمد صلّى الله عليه وسلم.
والذي قاتل علىّ طائفة أبوا الدخول في بيعته ، وهم أهل الشام ، وطائفة خلعته ، وهم أهل النّهروان. وأما (٣) أصحاب الجمل فإنما خرجوا يطلبون الإصلاح بين الفرقتين. وكان من حقّ الجميع أن يصلوا إليه ، ويجلسوا بين يديه ، ويطالبوه بما رأوا أنه عليه ، فلما تركوا ذلك بأجمعهم صاروا بغاة بجملتهم ، فتناولت هذه الآية جميعهم.
المسألة التاسعة ـ قال علماؤنا في رواية سحنون : إنما يقاتل مع الإمام العدل سواء كان الأول (٤) أو الخارج عليه ، فإن لم يكونا عدلين فأمسك عنهما إلا أن تراد بنفسك أو مالك أو ظلم المسلمين فادفع ذلك.
المسألة العاشرة ـ لا نقاتل إلا مع إمام [عادل] (٥) يقدمه أهل الحق لأنفسهم ، ولا يكون إلا قرشيا ، وغيره لا حكم له ، إلا أن يدعو إلى الإمام القرشي ، قاله مالك ، لأنّ الإمامة لا تكون إلا لقرشىّ.
وقد روى ابن القاسم ، عن مالك : إذا خرج على الإمام العدل خارج وجب الدفع عنه ، مثل عمر بن عبد العزيز ، فأما غيره فدعه ينتقم الله من ظالم بمثله ثم ينتقم من كليهما. قال الله تعالى (٦) : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً).
قال مالك : إذا بويع للإمام فقام عليه إخوانه قوتلوا إذا كان الأول عدلا ، فأما هؤلاء فلا بيعة لهم إذا كان بويع لهم على الخوف.
__________________
(١) في ا : عن.
(٢) في ش : يمتنع.
(٣) في ا : وهم.
(٤) في ا : للأول.
(٥) ليس في ش.
(٦) سورة الإسراء ، آية ٥. (٩ ـ أحكام ـ ٤).