أو على حين (١) فرقة ، والرواية الأولى أصحّ لقتلهم (٢) أدنى الطائفتين إلى الحق ، وكان الذي قتلهم علىّ بن أبى طالب [ومن كان معه] (٣) ، فتقرر عند علماء المسلمين ، وثبت بدليل الدين أنّ عليا رضى الله عنه كان إماما ، وأنّ كلّ من خرج عليه باغ ، وأن قتاله واجب حتى يفيء إلى الحق ، وينقاد إلى الصّلح ، لأنّ عثمان رضى الله عنه قتل ، والصحابة برآء من دمه ، لأنه منع من قتال من ثار عليه ، وقال : لا أكون أول من خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أمته بالقتل ، فصبر على البلاء ، واستسلم للمحنة ، وفدى بنفسه الأمة ، ثم لم يمكن ترك الناس سدى ، فعرضت الإمامة على باقى الصحابة الذين ذكرهم عمر في الشورى ، وتدافعوها (٤) ، وكان علىّ أحق بها وأهلها ، فقبلها حوطة على الأمة أن تسفك دماؤها بالتهارج والباطل ، ويتخرق أمرها إلى ما لا يتحصل ، وربما تغيّر الدين ، وانقض عمود الإسلام ، فلما بويع له طلب أهل الشام في شرط البيعة التمكين من قتله عثمان وأخذ القود منهم ، فقال لهم على : ادخلوا في البيعة ، واطلبوا الحقّ تصلوا إليه. فقالوا : لا تستحق بيعة وقتله عثمان معك نراهم (٥) صباحا ومساء ، فكان علىّ في ذلك أسدّ رأيا ، وأصوب قولا ، لأنّ عليّا لو تعاطى القود منهم لتعصّبت لهم قبائل ، وصارت حربا ثالثة ، فانتظر بهم أن يستوثق الأمر ، وتنعقد البيعة العامة ، ويقع (٦) الطلب من الأولياء في مجلس الحكم ، فيجري القضاء بالحق.
ولا خلاف بين الأمة أنه يجوز للإمام تأخير القصاص إذا أدّى ذلك إلى إثارة الفتنة أو تشتيت الكلمة ، وكذلك جرى لطلحة والزبير ، فإنهما ما خلعا عليا عن ولاية ، ولا اعترضا عليه في ديانة ، وإنما رأيا أنّ البداءة بقتل أصحاب عثمان (٧) أولى ، فبقى هو على رأيه لم يزعزعه عما رأى ـ وهو كان الصواب ـ كلامهما ، ولا أن يؤثر فيه قولهما. وكذلك كان كلّ واحد منهما يثنى على صاحبه [ويذكر ما فيه] (٨) ويشهد له بالجنة ، ويذكر مناقبه ، ولو كان الأمر على خلاف هذا لتبرأ كلّ واحد [منهما] (٩) من صاحبه ، فلم يكن تقاتل
__________________
(١) في ش : خير.
(٢) في ش : بقتلهم.
(٣) ليس في ش.
(٤) في ا : وتدافقوا.
(٥) في ا : فنراهم.
(٦) في ا : ويقطع.
(٧) في ا ، ش : بقتلة عثمان أولى.
(٨ ـ ٩) من ش.