الثاني ـ ما روى سعيد ، عن قتادة ، أنها نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما ملاحاة في حقّ بينهما ، فقال أحدهما للآخر : لآخذنه عنوة لكثرة عشيرته ، وإنّ الآخر دعاه إلى المحاكمة إلى النبىّ صلّى الله عليه وسلم ، فأبى أن يتّبعه ، ولم يزل بهم الأمر حتى تدافعوا ، وتناول بعضهم بعضا بالأيدى والنّعال ، فنزلت هذه الآية فيهم.
الثالث ـ ما رواه أسباط عن السدى أنّ رجلا من الأنصار كانت له امرأة تدعى أم زيد ، وأن المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها. [وجعلها] (١) في علّيّة لا يدخل عليها أحد من أهلها ، وإن المرأة بعثت إلى أهلها ، فجاء قومها فأنزلوها لينطلقوا بها ، فخرج الرجل فاستغاث بأهله ، فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها ، فتدافعوا واجتلدوا بالنعال ، فنزلت هذه الآية فيهم.
الرابع ـ ما حكى قوم أنها نزلت في رهط عبد الله بن أبى بن سلول من الخزرج ورهط عبد الله ابن رواحة من الأوس ، وسببه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وقف على حمار له على عبد الله بن أبىّ ، وهو في مجلس قومه ، فراث حمار النبىّ صلّى الله عليه وسلم أو سطع غباره ، فأمسك عبد الله بن أبىّ أنفه (٢) ، وقال : لقد آذانا نتن حمارك ، فغضب عبد الله بن رواحة ، وقال : إن حمار رسول الله صلّى الله عليه وسلم أطيب ريحا منك ومن أبيك ، فغضب قومه واقتتلوا بالنعال والأيدى ، فنزلت هذه الآية فيهم.
المسألة الثانية ـ أصحّ الروايات : الأخيرة ، والآية تقتضي جميع ما روى لعمومها وما لم يرو ، فلا يصحّ تخصيصها (٣) ببعض الأحوال دون بعض.
المسألة الثالثة ـ الطائفة كلمة تنطلق في اللغة على الواحد من العدد ، وعلى ما لا يحصره عدد (٤) ، وقد بينا ذلك في سورة براءة (٥).
المسألة الرابعة ـ هذه الآية هي الأصل في قتال المسلمين ، والعمدة في حرب المتأولين ، وعليها عوّل الصحابة ، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملّة ، وإياها عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم بقوله : يقتل عمّارا الفئة الباغية. وقوله في شأن الخوارج : يخرجون على خير فرقة من الناس
__________________
(١) ليس في ش.
(٢) في ش : على أنفه.
(٣) في ا : تخصيصه.
(٤) في ا : حد.
(٥) آية ١٢٣ من سورة التوبة.