الرمان حبّ العامين يجتمع ، تقطع منه متى شئت صيفا وشتاء ، وقيظا وخريفا ، إلا أن الحبة (١) التي بقيت في الشجرة عاما لا تفلقها إلا بالقدوم من شدّة القشر ، فإذا انفلقت ظهر تحته حبّ الرمان أجمل ما كان وأينعه.
الآية الخامسة ـ قوله تعالى (٢) : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قوله : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) فيها الاكتفاء بشهادة واحد ، وهو خير الشاهدين إن كان يعلم منى الحقّ في الدعوى والصدق في التبليغ فسينصرنى ، فلا جرم صدّقه بالمعجزات ، ونصره بالدلالات ، وأكرمه بالظهور في العواقب.
فإن قيل : فقد قال : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)؟
قيل : هو وإن كان معطوفا عليه في اللفظ فإنه مقطوع عنه في المعنى. التقدير : ومن عنده علم الكتاب يشهد لي بصدقى ، ولهذا المعنى قال مجاهد : إن من عنده علم الكتاب هو الله تعالى ، وهذه غفلة ، فإنه قد قال : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً) ، فلو كان الذي عنده علم الكتاب هو الله لكان تكرارا محضا خارجا عن صحّة المعنى وجزالة اللفظ ، وإنما الذي عنده علم الكتاب في (٣) :
المسألة الثانية ـ اختلف فيمن عنده علم الكتاب بعد ذكر قول مجاهد على أربعة أقوال :
الأول ـ أن المراد به من آمن من اليهود والنصارى.
الثاني ـ أنه عبد الله بن سلام.
الثالث ـ أنه علىّ بن أبى طالب ، وقد قرئ : ومن عنده علم بخفض الميم من من ورفع العين من علم. وقرئ بخفض الميم من من وباقيه على المشهور.
الرابع ـ المؤمنون كلهم.
__________________
(١) في م : الحب الذي.
(٢) آية ٤٣.
(٣) في م : وهي.