الثاني ـ أنها نزلت في أم شريك الأزديّة (١) ، وقيل العامريّة ، واسمها غزية (٢) ، قاله على ابن الحسين ، وعروة ، والشعبي.
الثالث ـ أنها زينب بنت خزيمة أم المساكين.
الرابع ـ أنها أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط.
الخامس ـ أنها خولة بنت حكيم السلمية.
قال القاضي ابن العربي : أما سبب نزول هذه الآية فلم يرد من طريق صحيح ، وإنما هذه الأقوال واردة بطرق من غير خطم (٣) ولا أزمّة ، بيد أنه روى عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا : لم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة موهوبة.
وقد بينا الحديث الصحيح في مجيء المرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووقوفها عليه ، وهبتها نفسها له من طريق سهل وغيره في الصحاح ، وهو (٤) القدر الذي ثبت سنده ، وصحّ نقله.
والذي يتحقق أنها لما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : وهبت نفسي لك ، فسكت عنها ، حتى قام رجل فقال : زوّجنيها يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة.
ولو كانت هذه الهبة غير جائزة لما سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا يقرّ على الباطل إذا سمعه ، حسبما قررناه في كتب الأصول.
ويحتمل أن يكون سكوته لأنّ الآية قد كانت نزلت بالإحلال.
ويحتمل أن يكون سكت منتظرا بيانا ، فنزلت الآية بالتحليل والتخيير ، فاختار تركها وزوّجها من غيره.
ويحتمل أن يكون سكت ناظرا في ذلك حتى قام الرجل لها طالبا.
وقد روى مسلم ، عن عائشة أنها قالت : كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالت (٥) : أما تستحي امرأة أن تهب نفسها ، حتى أنزل الله : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) فقلت : ما أرى ربّك إلا يسارع في هواك.
__________________
(١) في القرطبي : الأنصارية.
(٢) في القرطبي : واسمها غزية. وقيل غزيلة.
(٣) الخطام ـ ككتاب : كل ما وضع في أنف البعير ليقتاد به ، والجمع خطم ـ ككتب.
(٤) في م : وهذا.
(٥) في القرطبي : وأقول.