والحكمة في ذلك أنّ العمّ والخال في الإطلاق اسم جنس كالشاعر والراجز (٣) ، وليس كذلك في العمة والخالة. وهذا عرف لغوىّ ، فجاء الكلام عليه بغاية البيان لرفع الإشكال ، وهذا دقيق فتأملوه.
المسألة الرابعة عشرة ـ في فائدة الآية ولأجل ما سيقت له ، وفي ذلك أربع روايات :
الأولى ـ نسخ (١) الحكم الذي كان الله قد ألزمه بقوله : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) ، فأعلمه الله أنه قد أحلّ له أزواجه اللواتي عنده ، وغيرهن ممّن سماه معهنّ في هذه الآية.
الثانية ـ أنّ الله تعالى أعلمه أنّ الإباحة ليست مطلقة في جملة النساء ، وإنما هي في المعيّنات المذكورات من بنات العمّ والعمّات ، وبنات الخال والخالات المسلمات ، والمهاجرات والمؤمنات.
الثالثة ـ أنه إنما أباح له نكاح المسلمة ، فأما الكافرة فلا سبيل له إليها على ما يأتى بعد ذلك إن شاء الله تعالى.
الرابعة ـ أنه لم يبح له نكاح الإماء أيضا صيانة له ، وتكرمة لقدره ، على ما يأتى بيانه إن شاء الله تعالى.
ومعنى هذا الكلام قد روى عن ابن عباس.
المسألة الخامسة عشرة ـ قوله : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) :
وقد بينا سبب نزول هذه الآية في سورة القصص (٢) وغيرها : أنّ امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوقفت عليه ، وقالت : يا رسول الله ، إنى وهبت لك نفسي ... الحديث إلى آخره.
وورد في ذلك للمفسرين خمسة أقوال :
الأول ـ نزلت في ميمونة بنت الحارث ، خطبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر ابن أبى طالب ، فجعلت أمرها إلى العباس عمه.
وقيل : وهبت نفسها له ، قاله الزهري ، وعكرمة ، ومحمد بن كعب ، وقتادة.
__________________
(١) في ا : ينسخ.
(٢) صفحة ١٤٥٥. (٣٣ ـ أحكام ـ ٣)