المسألة الحادية عشرة ـ قوله : (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ).
وفيه قولان :
أحدهما ـ أنّ معناه لا يحلّ لك أن تنكح من بنات عمك وبنات عماتك إلّا من أسلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.
الثاني ـ أنّ المعنى لا يحلّ لك منهنّ إلّا من هاجر إلى المدينة ، لأن من لم يهاجر ليس من أوليائك ، لقوله تعالى (١) : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا).
ومن لم يهاجر لم يكمل ، ومن لم يكمل لم يصلح لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كمل وشرف وعظم.
وهذا يدلّ على أنّ الآية مخصوصة برسول الله صلى الله عليه وسلم ليست بعامّة له ولأمته ، كما قال بعضهم ، لأنّ هذه الشروط تختصّ به.
ولهذا المعنى نزلت الآية في أم هانئ بأنها لم تكن هاجرت ، فمنع منها لنقصها بالهجرة ، والمراد بقوله : (هاجَرْنَ) خرجن إلى المدينة ، وهذا أصحّ من الأول ، لأنّ الهجرة عند الإطلاق هي الخروج من بلد الكفر إلى دار الإيمان ، والأسماء إنما تحمل على عرفها ، والهجرة في الشريعة أشهر من أن تحتاج إلى بيان ، أو تختصّ بدليل ، وإنما يلزم (٢) ذلك لمن ادّعى غيرها.
المسألة الثانية عشرة ـ قوله : (مَعَكَ) ، والمعيّة هاهنا الاشتراك في الهجرة لا في الصحبة فيها ، فمن هاجر حلّ له ، كان في صحبته إذ هاجر أو لم يكن ، يقال : دخل فلان معى ، أى في صحبتي ، فكنّا معا ، وتقول : دخل فلان معى وخرج معى ، أى كان عمله كعملى ، وإن لم يقترن فيه عملكما. ولو قلت : خرجنا معا لاقتضى ذلك المعنيين جميعا : المشاركة في الفعل ، والاقتران فيه ، فصار قولك : «معى» للمشاركة ، وقولك : «معا» للمشاركة والاقتران.
المسألة الثالثة عشرة ـ قوله : (وَبَناتِ عَمِّكَ) ، فذكره مفردا. وقال : (وَبَناتِ عَمَّاتِكَ) ، فذكرهنّ جميعا. وكذلك قال : وبنات خالك فردا وبنات خالاتك جمعا.
__________________
(١) سورة الأنفال ، آية ٧٢.
(٢) في م : وإنما يلزم من ذلك من أراد غيرها.
(٣) في ا : والراجل.