المسألة الثالثة
عشرة ـ قال ابن القاسم ، وابن وهب : قال مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعائشة : ابعثي إلى أبويك.
فقالت : يا رسول الله ، لم؟ فقال : إنّ الله أمرنى أن أخيركنّ. فقالت : إنى أختار
الله ورسوله ، فسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك. فقالت له عائشة : يا رسول
الله ، إن لي إليك حاجة ، لا تخيّر من نسائك من تحبّ أن تفارقني ، فخيّرهنّ رسول
الله صلى الله عليه وسلم جميعا ، فكلّهنّ اخترنه.
قالت عائشة :
خيّرنا فاخترناه ، فلم يكن طلاقا.
وفي الصحيح عن
عائشة : لما نزلت : (وَإِنْ كُنْتُنَّ
تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ ...) الآية ـ دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأ بي ،
فقال : يا عائشة ، إنى ذاكر لك أمرا فلا عليك ألّا تعجلي حتى تستأمرى أبويك. قالت
: وقد علم والله أن أبوىّ لم يكونا يأمر انى بفراقه ، فقرأ علىّ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ
لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها
فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً ، وَإِنْ
كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ
أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً).
فقلت
: أو في هذا أستأمر أبوىّ! فإنى أريد الله ورسوله والدار الآخرة.
هذه رواية معمر ،
عن عروة ، عن الزهري ، عن عائشة. قال معمر : وقال أيوب : قالت عائشة : يا رسول الله ، لا تخبر
أزواجك أنى اخترتك. قال : إن الله لم يبعثني متعنّتا ، إنما بعثني مبلّغا.
وفي رواية : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يقرأ على أزواجه الآية ويقول : قد اختارتنى عائشة ، فاخترنه كلّهن.
المسألة الرابعة
عشرة ـ روى أنس بن مالك ، قال : لما خيّرهنّ اخترنه ، فقصره الله عليهنّ ، ونزلت : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ
مِنْ بَعْدُ ، وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ).
وسيأتى بيان هذه
الآية في موضعها إن شاء الله.
المسألة الخامسة
عشرة ـ قد بينّا كيف وقع التخيير في هذه الآية ، ومسألة التخيير
__________________