طويلة عريضة ، لا يستوفيها إلا الإطناب بالتطويل مع استيفاء التفصيل ، وذلك لا يمكن في هذه العجالة ، وبيانه في كتب الفقه ، فنشير منه الآن إلى طرفين :
أحدهما ـ إذا خيّر الرجل امرأته فاختارته.
الثاني ـ إذا اختارت نفسها.
أما الطرف الأول إذا اختارت زوجها ، وقد اختلف العلماء فيه ، فذهب ابن عمر ، وابن مسعود ، وعائشة ، وابن عباس ، وإحدى روايتي زيد ، وعلىّ ، إلى أنه لا يقع شيء.
وذهب إلى أنها طلقة رجعية علىّ وزيد في الرواية الأخرى ، والحسن ، وربيعة ، وتعلّقوا بأنّ قوله : «اختاري» كناية في إيقاع الطلاق ، فإذا أضافه إليها وقعت طلقة ، كقوله : أنت بائن.
ودليلنا قول عائشة : خيّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه. أفكان ذلك طلاقا! فإن قيل : قد قلتم : إنّ تخيير عائشة لم يكن بين الزوجية والفراق ، وإنما كان بين البقاء فيمسك ، وبين الفراق فيستأنف إيقاعه ، وإذا كان هذا هكذا عندكم فلا حجّة فيه علينا منكم.
قلنا : كذلك قلنا ، وكذلك كان. وقولكم : لا حجة فيه ـ ليس كذلك ، بل حجّته ظاهرة ، لأنكم قد قلتم : إنها كناية ، فكان من حقكم أن تقولوا : إنه يقع الطلاق بهذا أيضا.
فإذا قلتم في هذه الصورة : إنه لا يقع ، كانت الأخرى مثلها ، لأنهما كنايتان ، فلو لزم الطلاق بإحداهما لزم بالأخرى ، لأنه لا فرق بينهما.
وبهذا احتجّت عائشة رضى الله عنها ، لسعة علمها ، وعظيم فقهها.
وقولهم : إنها إيقاع باطل ، وإنما هو تخيير بينه وبين فراقه ، وهما ضدّان ، وليس اختيار أحدهما اختيارا للثاني بحال.
وأما الطرف الثاني ـ وهو إذا اختارت الفراق ـ ففيها ثلاثة أقوال :
الأول ـ أنها ثلاث من غير نيّة ولا بينونة. فإن كان قبل الدخول فله ما نوى. هذا