وعلى قدرته محالون
، ومن فعله محسوب ، وفي كتابه مكتوب ، وقد خلق ملك الموت ، وخلق على يديه قبض
الأرواح ، واستلالها من الأجسام ، وإخراجها منها على كيفية بينّاها في كتب الأصول
، وخلق جندا يكونون معه ، يعملون عمله بأمره مثنى وفرادى. والباري تعالى خالق الكل
، فأخبر عن الأحوال الثلاثة بثلاث عبارات ، فقال : (اللهُ يَتَوَفَّى
الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها ...) الآية ، إخبارا عن الفعل الأول ، وهو الحقيقة.
وقال في الآية
الأخرى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ
مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ...) الآية خبرا عن المحل الأول الذي نيط به ، وخلق فعله فيه.
وقال : (وَلَوْ تَرى إِذْ
يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) ، وما أشبه ذلك من ألفاظ الحديث خبرا عن الحالة الثانية التي تباشر فيها ذلك. فالأولى حقيقة
عقلية إلهية ، والثانية حقيقة عربية شرعية بحكم المباشرة.
وقال : ملك الموت
إن باشر مثلها وإن أمر فهو كقولهم : حدّ الأمير الزّانى وعاقب الجاني. وهذه نهاية
في تحقيق القول.
قال ابن العربي :
أما إنه إذا لم يكن بدّ من التسوّر على المعاني ، ودفع الجهل عنها في غير موضعها ،
والإعراض عن المقاصد في ذلك ، فيقال : إن هذه الآية دليل على أن للقاضي أن يستنيب
من يأخذ الحقّ ممن هو عليه قسرا دون أن يكون له في ذلك فعل أو يرتبط به رضا إذا
وجد ذلك.
وهو التحقيق الحاضر الآن ، وتمامه في الكتاب الكبير.
الآية الثالثة ـ قوله
تعالى : (أَفَمَنْ كانَ
مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ فيمن
نزلت ؟
وقد روى أنها نزلت في علىّ بن أبى طالب المؤمن ،
وفي عقبة بن أبى معيط الكافر ،
__________________