فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في ذكر لقمان.
وفيه سبعة أقوال :
الأول ـ قال سعيد بن المسيّب : كان لقمان أسود من سودان مصر ، حكيما ، ذا مشافر ، ولم يكن نبيّا.
الثاني ـ قال قتادة : خيّره الله بين النبوّة والحكمة ، فاختار الحكمة (١) ، فأتاه جبريل وهو نائم ، فقذف (٢) عليه الحكمة ، فأصبح ينطق بها ، فسئل عن ذلك ، فقال : إنه لو أرسل إلىّ النبوة عزمة لرجوت الفوز ، وأن أقوم بها ، ولكنه خيّرنى ، فخفت أن أضعف عن النبوة.
الثالث ـ أنه كان من النّوبة قصيرا أفطس.
الرابع ـ أنه كان حبشيّا.
الخامس ـ أنه كان خيّاطا.
السادس ـ أنه كان راعيا ، فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك ، قال : ألست عبد بنى فلان الذي كنت ترعى بالأمس؟ قال : بلى. قال : فما بلغ بك ما أرى؟ قال : قدر الله ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وترك ما لا يعنيني.
السابع ـ أنه كان عبدا نجارا ، قال له سيده : اذبح شاة ، وأتنى بأطيبها بضعتين. فأتاه بالقلب واللسان. ثم أمره بذبح شاة ، وقال له : ألقى أخبثها بضعتين (٣) ، فألقى اللسان ، والقلب ، فقال : أمرتك أن تأتينى بأطيبها بضعتين فأتيتنى باللسان والقلب ، وأمرتك أن تلقى أخبثها بضعتين ، فألقيت اللسان والقلب! فقال : ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا شيء أخبث منهما إذا خبثا.
المسألة الثانية ـ روى علماؤنا ، عن مالك ، أنّ لقمان قال لابنه : يا بنىّ ، إنّ الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون ، وهم إلى الآخرة سراعا يذهبون ، وإنك قد استدبرت الدنيا منذ كنت ، واستقبلت الآخرة ، وإنّ دارا تسير إليها أقرب إليك من دار تخرج عنها.
__________________
(١) في م : فاختار النبوة.
(٢) في القرطبي : فذر.
(٣) في القرطبي : مضغتين.