ولم تتمرن جوارحه بالركوع والسجود ، حتى يأنس بالصلاة وأفعالها أنسا يبعد به عن اقتراف الخطايا ، وإلا فهي قاصرة.
المسألة الثالثة ـ المنكر ، وهو كلّ ما أنكره الشرع وغيره ، ونهى عنه.
المسألة الرابعة ـ (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ).
فيها أربعة أقوال :
الأول ـ ذكر الله لكم أفضل من ذكركم له (١) ، أضاف المصدر إلى الفاعل.
الثاني ـ ذكر الله أفضل من كل شيء.
الثالث ـ ذكر الله في الصلاة أفضل من ذكره في غيرها ، يعنى لأنها عبادتان.
الرابع ـ ذكر الله في الصلاة أكبر من الصلاة ، وهذه كلّها من إضافة المصدر إلى المفعول. وهذا كلّه صحيح ، فإن الصلاة بركة عظيمة.
الآية الرابعة ـ قوله تعالى (٢) : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ، وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ قال قتادة : وهي منسوخة بآية القتال ، فإنه رفع الجدال (٣).
المسألة الثانية ـ قد بينا في القسم الثاني أنها ليست منسوخة ، وإنما هي مخصوصة ، لأن النبىّ عليه السلام بعث باللسان يقاتل به في الله ، ثم أمره الله بالسيف واللسان ، حتى قامت الحجة على الخلق الله ، وتبيّن العناد ، وبلغت القدرة غايتها عشرة أعوام متصلة ، فمن قدر عليه قتل ، ومن امتنع بقي الجدال في حقّه ، ولكن بما يحسن من الأدلة ، ويجمل من الكلام ، بأن يكون منك للخصم تمكين ، وفي خطابك له لين ، وأن تستعمل من الأدلة أظهرها ، وأنورها ، وإذا لم يفهم المجادل أعاد عليه الحجة وكررها ، كما فعل الخليل مع الكافر حين
__________________
(١) في القرطبي : ذكر الله لكم بالثواب والثناء عليكم أكبر من ذكركم له في عبادتكم وصلواتكم.
(٢) آية ٤٦.
(٣) في القرطبي : قال مجاهد : هي محكمة فيجوز مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن (١٣ ـ ٣٥٠).