وقد روى عن ابن عباس أنه سئل عن حدّ اللواط ، فقال : يصعد به في الجبل ، ثم يردى منه ، ثم يتبع بالحجارة.
الآية الثالثة ـ قوله تعالى (١) : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) قولان:
أحدهما ـ ما دام فيها.
والثاني ـ ما دام فيها وفيما بعدها.
قال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد (٢) من الله إلا بعدا.
قال القاضي : قال شيوخ الصوفية : المعنى فيها أيضا أنّ من شأن المصلّى أن ينهى عن الفحشاء والمنكر ، كما من شأن المؤمن أن يتوكل على الله ، كما قال (٣) : (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
وكما لا يخرج المؤمن بترك التوكل على الله عن الإيمان كذلك لا يخرج المصلّى عن الصلاة بأن صلاته قصرت عن هذه الصفة.
وقال مشيخة الصوفية : الصلاة الحقيقية ما كانت ناهية ، فإن لم تنهه فهي صورة صلاة لا معناها ، ومعنى ذلك أنّ وقوفه بين يدي مولاه ومناجاته له إن لم تدم عليه بركتها ، وتظهر على جوارحه رهبتها حتى يأتى عليه صلاة أخرى ، وهو في تلك الحالة ، وإلا فهو عن ربه معرض ، وفي حال مناجاته غافل عنه.
المسألة الثانية ـ الفحشاء : الدنيا ، فتنهاه الصلاة عنها ، حتى لا يكون لغير الصلاة حظّ في قلبه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : وجعلت قرّة عيني في الصلاة.
وقيل الفحشاء المعاصي ، وهو أقلّ الدرجات ، فمن لم تنهه صلاته عن المعاصي
__________________
(١) آية ٤٥.
(٢) في القرطبي : لم تزده من الله إلا بعدا.
(٣) سورة المائدة ، آية ٢٣.