فينقده ، ويلزمه تمامه. وأكثر بناء الناس على المقاطعة ، إذا سمى له ، مثل أن يقول : استأجرتك على بنيان هذه الدار شهرا ، أو نصفا ، أو شهرين ، وإن أطلق القول وقال : تبنى هذه الدار كلّ يوم بدرهم ، فكلما بنى أخذ ، أو تبنى هذا الباب ، أو هذا الحائط ، فهو مثله.
وكذلك كانت إجارة موسى مقاطعة ، فلها حكم المقاطعة ، وفي ذلك تفصيل طويل يأتى في كتب المسائل.
تحريره أنّ العمل في الإجارة إما يتقدّر بالزمان ، أو بصفة العمل الذي يضبط ، فإن كان بالزمان فهو مقدّر به ، لازم في مدّته. وإن كان بالعمل فإنه يضبط بصفته ، ويلزم الأجير تمام المدة ، أو تمام الصفة. وليس له ترك ذلك ، ولا يستحقّ شيئا من الأجرة ـ إذا كان هكذا ـ إلا بتمام العمل.
المسألة الثامنة والعشرون ـ قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ).
اكتفى الصالحان بالله في الإشهاد ، ولم يشهدا أحدا من الخلق.
وقد اختلف العلماء في وجوب الإشهاد في النكاح على قولين :
أحدهما ـ أن النكاح لا ينعقد إلّا بشاهدين ، وبه قال أبو حنيفة والشافعى.
وقال مالك : إنه ينعقد دون شهود ، وإنما يشترط فيه الإعلان والتصريح.
وقد مهدنا هذه المسألة في كتب الخلاف ، وبيّنا أنه عقد معاوضة ، فلا يشترط لانعقاده الإشهاد كالبيع ، وإنما شرطنا الإعلان للحديث المشهور الصحيح : فرق ما بين النكاح والسفاح الدّفّ (١).
وربما نزع نازع بأن الإشهاد في البيع لازم واجب ، وقد بينا ذلك في سورة البقرة.
وقد أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار ، قال : أخبرنا الرفاء الحافظ ، حدثنا أبو بكر الإسماعيلى ، حدثنا أبو بكر المروزى ، حدثنا عاصم بن على ، حدثنا الليث ، وأخبرنى موسى بن العباس ، حدثنا محمد بن الفضل ، حدثنا آدم ، حدثنا الليث بن سعد ، حدثنا حفص بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبى هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ رجلا من بنى إسرائيل سأل بعض بنى إسرائيل أن يسلفه ألف دينار. قال : أتيتنى بالشهداء أشهدهم! قال : كفى
__________________
(١) في النهاية : فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف. والمراد بالدف إعلان النكاح.