منهم أربعة. فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسّان وعاملة. وأما الذين تيامنوا فالأزد ، والأشعريون ، وحمير ، وكندة ، ومذحج ، وأنمار. فقال رجل : يا رسول الله ؛ وما أنمار؟ قال: الذين منهم خثعم وبجيلة.
وروى في هذا عن ابن عباس عن النبىّ صلى الله عليه وسلم حديث آخر.
المسألة الثالثة ـ روى في الصحيح عن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال ـ حين بلغه أن كسرى لما مات ولّى قومه بنته : لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة.
وهذا نصّ في أن المرأة لا تكون خليفة ، ولا خلاف فيه.
ونقل عن محمد بن جرير الطبري إمام الدين أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية ؛ ولم يصح ذلك عنه ؛ ولعله كما نقل عن أبى حنيفة أنها [إنما] (١) تقضى فيما تشهد فيه ، وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق ، ولا بأن يكتب لها منشور (٢) بأنّ فلانة مقدمة على الحكم ، إلا في الدماء والنكاح ، وإنما ذلك كسبيل (٣) التحكيم أو الاستبانة في القضية الواحدة ، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة.
وهذا هو الظنّ بأبى حنيفة وابن جرير.
وقد روى أن عمر قدّم امرأة على حسبة السوق ، ولم يصح ؛ فلا تلتفتوا إليه ؛ فإنما هو من دسائس (٤) المبتدعة في الأحاديث.
وقد تناظر في هذه المسألة القاضي أبو بكر بن الطيب المالكي الأشعرى مع أبى الفرج ابن طرار شيخ الشافعية ببغداد في مجلس السلطان الأعظم عضد الدولة ، فما حل ونصر ابن طرار لما ينسب إلى ابن جرير ، على عادة القوم في التجادل على المذاهب ، وإن لم يقولوا بها استخراجا للأدلة وتمرّنا في الاستنباط للمعاني ؛ فقال أبو الفرج بن طرار : الدليل على أن المرأة يجوز أن تحكم أنّ الغرض من الأحكام تنفيذ القاضي لها ، وسماع البينة عليها ، والفصل بين الخصوم فيها ، وذلك يمكن (٥) من المرأة ، كإمكانه من الرجل.
فاعترض عليه القاضي أبو بكر ، ونقض كلامه بالإمامة الكبرى ؛ فإنّ الغرض منها
__________________
(١) من م.
(٢) في القرطبي : مسطور.
(٣) في القرطبي : وإنما سبيل ذلك التحكم والاستنابة في القضية الواحدة.
(٤) في م : وساوس.
(٥) في م : ممكن.